(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٧٩)
اعتراض لحكمه بدليل أنّهم لم يوبّخوا على هذا السؤال بل أجيبوا بقوله : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى) متاع الدنيا قليل زائل ومتاع الآخرة كثير دائم ، والكثير إذا كان على شرف الزوال فهو قليل فكيف القليل الزائل (وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) ولا تنقصون أدنى شيء من أجوركم على مشاقّ القتل فلا ترغبوا عنه. وبالياء مكي وحمزة وعلي.
ثم أخبر أن الحذر لا ينجي من القدر بقوله :
٧٨ ـ (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) ما زائدة لتوكيد معنى الشرط في أين (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ) حصون أو قصور (مُشَيَّدَةٍ) مرفّعة (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) نعمة من خصب ورخاء (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) نسبوها إلى الله (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) بلية من قحط وشدة (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) أضافوها إليك وقالوا هي (١) من عندك وما كانت إلا بشؤمك ، وذلك أن المنافقين واليهود كانوا إذا أصابهم خير حمدوا الله تعالى وإذا أصابهم مكروه نسبوه إلى محمد صلىاللهعليهوسلم فكذّبهم الله تعالى بقوله (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) والمضاف إليه محذوف أي كلّ ذلك ، فهو يبسط الأرزاق ويقبضها (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ) يفهمون (حَدِيثاً) فيعلموا (٢) أنّ الله هو الباسط القابض وكلّ ذلك صادر عن حكمة ، ثم قال :
٧٩ ـ (ما أَصابَكَ) يا إنسان خطابا عاما ، وقال الزّجّاج : المخاطب (٣) النبيّ عليهالسلام والمراد غيره (مِنْ حَسَنَةٍ) من نعمة وإحسان (فَمِنَ اللهِ) تفضلا منه وامتنانا (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) من بلية ومصيبة (فَمِنْ نَفْسِكَ) فمن عندك أي فبما كسبت يداك (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٤) (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) لا مقدّرا حتى نسبوا إليك الشدة ، أو أرسلناك للناس رسولا فإليك تبليغ
__________________
(١) في (ظ) و(ز) هذه.
(٢) في (ز) فيعلمون.
(٣) في (ظ) و(ز) المخاطب به.
(٤) الشورى ، ٤٢ / ٣٠.