وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣)
(فَأَحْيَيْناهُ) (١) ولهذا منع من تصرّف الأحرار ، وهذا مشكل إذ لو كان كذلك لوجب في العمد أيضا ، لكن يحتمل أن يقال إنّما وجب عليه ذلك لأنّ الله تعالى أبقى للقاتل نفسا مؤمنة حيث لم يوجب القصاص فأوجب عليه مثلها رقبة مؤمنة (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) مؤدّاة إلى ورثته يقتسمونها كما يقتسمون الميراث لا فرق بينها وبين سائر التّركة في كلّ شيء ، فيقضى منها الدين وتنفّذ الوصية وإذا لم يبق وارث فهي لبيت المال ، وقد ورّث رسول الله صلىاللهعليهوسلم امرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم ، لكن الدية على العاقلة والكفارة على القاتل (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) إلا أن يتصّدقوا عليه بالدية ، أي يعفوا عنه ، والتقدير فعليه دية في كلّ حال إلّا في حال التصدّق عليه بها (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) فإن كان المقتول خطأ من قوم أعداء لكم أي كفرة ، فالعدو يطلق على الجمع (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي المقتول مؤمن (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) يعني إذا أسلم الحربيّ في دار الحرب ولم يهاجر إلينا فقتله مسلم خطأ تجب الكفارة بقتله للعصمة المؤثمة وهو (٢) الإسلام ، ولا تجب الدية لأنّ العصمة المقومة بالدار ولم توجد (وَإِنْ كانَ) أي المقتول (مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ) بين المسلمين (وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) عهد (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أي وإن كان المقتول ذميا فحكمه حكم المسلم ، وفيه دليل على أنّ دية الذمي كدية المسلم وهو قولنا (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) رقبة ، أي لم يملكها ، ولا ما يتوصل به إليها (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) فعليه صيام شهرين (مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ) قبولا من الله ورحمة منه ، من تاب الله عليه إذا قبل توبته ، يعني شرع ذلك توبة منه ، أو فليتب توبة فهي نصب على المصدر (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بما أمر (حَكِيماً) فيما قدّر.
٩٣ ـ (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) حال من ضمير القاتل ، أي قاصدا قتله لإيمانه وهو كفر ، أو قتله مستحلا لقتله وهو كفر أيضا (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) أي إن جازاه. قال عليهالسلام : (هي جزاؤه إن جازاه) (٣) والخلود قد يراد به طول المقام. وقول المعتزلة بالخروج من الإيمان يخالف قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
__________________
(١) الأنعام ، ٦ / ١٢٢.
(٢) في (ز) وهي.
(٣) رواه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير ، وابن المنذر في البعث عن أبي مجلز.