يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٩٤)
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) (١) (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) أي انتقم منه وطرده من رحمته (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) لارتكابه أمرا عظيما وخطبا جسيما. في الحديث : (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم) (٢).
٩٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) سرتم في طريق الغزو (فَتَبَيَّنُوا) فتثبتوا حمزة وعلي ، وهما من التفعل بعنى الاستفعال ، أي اطلبوا بيان الأمر وثباته ولا تتهوّكوا (٣) فيه (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) السّلم مدني وشامي وحمزة ، وهما الاستسلام ، وقيل الإسلام ، وقيل التسليم الذي هو تحية أهل الإسلام (لَسْتَ مُؤْمِناً) في موضع النصب بالقول. وروي أنّ مرداس بن نهيك (٤) أسلم ولم يسلم من قومه غيره ، فغزتهم سرية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فهربوا ، وبقي مرداس لثقته بإسلامه ، فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى منعرج من الجبل وصعد ، فلما تلاحقوا وكبّروا كبّر ونزل وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم ، فقتله أسامة بن زيد واستاق غنمه فأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوجد وجدا شديدا وقال : (قتلتموه إرادة ما معه) ثم قرأ الآية على أسامة (٥) (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) تطلبون الغنيمة التي هي حطام سريع النفاد ، فهو الذي يدعوكم إلى ترك التثبّت وقلة البحث عن حال من تقتلونه. والعرض : المال ، سمي به لسرعة فنائه ، وتبتغون حال من ضمير الفاعل في تقولوا (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) يغنّمكموها ، تغنيكم عن قتل رجل يظهر الإسلام ويتعوّذ به من التعرّض له لتأخذوا ماله (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أوّل ما دخلتم في الإسلام سمعت من أفواهكم كلمة الشهادة فحصنت دماؤكم (٦) وأموالكم من غير انتظار الاطلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم ، والكاف في كذلك
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ١٧٨.
(٢) رواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمر.
(٣) التهوّك : التّحيّر.
(٤) رجل من أهل فدك.
(٥) رواه الثعلبي من حديث ابن عباس ، وروى الطبري نحوه.
(٦) في (ز) فحصنت دماءكم.