(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٩٦)
خبر كان وقد تقدّم عليها وعلى اسمها (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) بالاستقامة والاشتهار بالإيمان فافعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل بكم (فَتَبَيَّنُوا) كرر الأمر بالتبين ليؤكّد عليهم (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فلا تتهافتوا في القتل وكونوا محترزين محتاطين في ذلك.
٩٥ ـ (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ) عن الجهاد (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) بالنصب مدني وشامي وعليّ ، لأنّه استثناء من القاعدين أو حال منهم ، وبالجرّ عن حمزة صفة للمؤمنين ، وبالرفع غيرهم صفة للقاعدون (١) ، والضرر المرض أو العاهة من عمى أو عرج أو زمانة أو نحوها (وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) عطف على القاعدون ، ونفى التساوي بين المجاهد والقاعد بغير عذر وإن كان معلوما توبيخا للقاعد عن الجهاد وتحريكا له عليه ، ونحوه (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٢) فهو تحريك لطلب العلم وتوبيخ على الرضا بالجهل (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ) ذكر هذه الجملة بيانا للجملة الأولى موضحة لما نفي من استواء القاعدين والمجاهدين ، كأنه قيل ما لهم لا يستوون فأجيب بذلك (دَرَجَةً) نصب على المصدر لوقوعها موقع المرة من التفضيل ، كأنه قيل فضّلهم تفضيلة (٣) كقولك ضربه سوطا ، ونصبت (٤) (وَكُلًّا) أي وكلّ فريق من القاعدين والمجاهدين ، لأنّه مفعول أول لقوله (وَعَدَ اللهُ) والثاني (الْحُسْنى) أي المثوبة الحسنى وهي الجنة وإن كان المجاهدون مفضّلين على القاعدين درجة (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ) بغير عذر (أَجْراً عَظِيماً).
٩٦ ـ (دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) قيل انتصب أجرا بفضّل لأنّه في معنى أجرهم أجرا ، ودرجات ومغفرة ورحمة بدل من أجرا ، أو انتصب درجات نصب درجة كأنّه قيل فضّلهم تفضيلات ، كقولك ضربه أسواطا أي ضربات ، وأجرا عظيما ، على أنّه
__________________
(١) في (ظ) و(ز) للقاعدين وهو مخالف لنسق النسفي.
(٢) الزمر ، ٣٩ / ٩. وليس في (ظ) و(ز) قل.
(٣) في (ظ) و(ز) تفضلة.
(٤) في (ظ) و(ز) ونصب.