(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٠٢)
الإكمال لقول عمر رضي الله عنه : صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلىاللهعليهوسلم (١). وأما الآية فكأنّهم ألفوا الإتمام فكانوا مظنة ، لأن يخطر ببالهم أنّ عليهم نقصانا في القصر ، فنفى عنهم الجناح لتطيب أنفسهم بالقصر ويطمئنوا إليه (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) إن خشيتم أن يقصدكم الكفار بقتل أو جرح أو أخذ ، والخوف شرط جواز القصر عند الخوارج بظاهر النصّ ، وعند الجمهور ليس بشرط لما روي عن يعلى بن أمية أنه قال لعمر : ما بالنا نقصر وقد أمنّا؟ فقال : عجبت مما تعجبت منه ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فقال : (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) (٢) وفيه دليل على أنه لا يجوز الإكمال في السفر ، لأنّ التصدق بما لا يحتمل التمليك إسقاط محض لا يحتمل الردّ وإن كان المتصدق ممن لا تلزم طاعته كولي القصاص إذا عفا ، فمن تلزم طاعته أولى ، ولأنّ حالهم حين نزول الآية كذلك فنزلت على وقع (٣) الحال ، وهو كقوله : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (٤) دليله قراءة عبد الله من الصلاة أن يفتنكم ، أي لئلا يفتنكم ، على أنّ المراد بالآية قصر الأحوال ، وهو أن يومي على الدابة عند الخوف ، أو يخفف القراءة والركوع والسجود والتسبيح كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) فتحرزوا عنهم.
١٠٢ ـ (وَإِذا كُنْتَ) يا محمد (فِيهِمْ) في أصحابك (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) فأردت أن تقيم بهم الصلاة (٥) ، وبظاهره تعلق أبو يوسف رحمهالله فلا يرى صلاة الخوف بعده عليهالسلام وقالا (٦) : الأئمة نواب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في كل عصر ، فكان
__________________
(١) رواه النسائي وابن ماجه من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد وأبو يعلى.
(٣) في (ظ) و(ز) على وفق.
(٤) النور ، ٢٤ / ٣٣.
(٥) في (ظ) أن تقيم لهم ، وفي (ز) أن تقيم الصلاة بهم.
(٦) وقالا : أي محمد بن الحسن وزفر بن الهذيل صاحبي أبي حنيفة.