(فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (١٠٣)
الخطاب له متناولا لكلّ إمام كقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) (١) دليله فعل الصحابة رضي الله عنهم بعده عليهالسلام (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) فاجعلهم طائفتين ، فلتقم إحداهما (مَعَكَ) (٢) فصلّ بهم ، وتقوم طائفة تجاه العدو (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) أي الذين تجاه العدو. عن ابن عباس رضي الله عنهما وإن كان المراد به المصلين فقالوا : يأخذون من السلاح ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ونحوهما (فَإِذا سَجَدُوا) أي قيدوا ركعتهم بسجدتين ، فالسجود على ظاهره عندنا وعند مالك بمعنى الصلاة (فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) أي إذا صلت هذه الطائفة التي معك ركعة فليرجعوا ليقفوا بإزاء العدوّ (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا) في موضع رفع صفة لطائفة (فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) أي ولتحضر الطائفة الواقفة بإزاء العدو فليصلّوا معك الركعة الثانية (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ) ما يتحرّزون به من العدو كالدرع ونحوه (وَأَسْلِحَتَهُمْ) جمع سلاح ، وهو ما يقاتل به ، وأخذ السلاح شرط عند الشافعي رحمهالله وعندنا مستحب ، وكيفية صلاة الخوف معروفة (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ) أي تمنوا أن ينالوا منكم غرّة في صلاتكم (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) فيشدون عليكم شدّة واحدة (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا) في أن تضعوا (أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) رخّص لهم في وضع الأسلحة إن ثقل عليهم حملها بسبب ما يبلّهم من مطر ، أو يضعفهم من مرض ، وأمرهم مع ذلك بأخذ الحذر لئلا يغفلوا فيهجم عليهم العدو (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) أخبر أنه يهين عدوّهم لتقوى قلوبهم ، وليعلموا أن الأمر بالحذر ليس لتوقع غلبتهم عليهم ، وإنما هو تعبد من الله تعالى.
١٠٣ ـ (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ) فرغتم منها (فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) أي دوموا على ذكر الله في جميع الأحوال ، أو فإذا أردتم أداء الصلاة فصلّوا قياما إن قدرتم عليه ، وقعودا إن عجزتم عن القيام ، ومضطجعين إن عجزتم عن القعود (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) سكنتم بزوال الخوف (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فأتموها بطائفة واحدة ، أو إذا أقمتم فأتموا ولا تقصروا ، أو إذا اطمأننتم بالصحة
__________________
(١) التوبة ، ٩ / ١٠٣.
(٢) قطّعنا الآية كما في (أ).