(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧)
لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ، وقال «جامع العلوم» (١) إنها مجرورة للجوار ، وقد صحّ أنّ النبي عليهالسلام رأى قوما يمسحون على أرجلهم فقال : (ويل للأعقاب من النار) (٢) وعن عطاء (٣) : والله ما علمت أنّ أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مسح على القدمين ، وإنما أمر بغسل هذه الأعضاء ليطهرها من الأوساخ التي تتصل بها ، لأنها تبدو كثيرا ، والصلاة خدمة الله تعالى والقيام بين يديه متطهرا من الأوساخ أقرب إلى التعظيم ، فكان أكمل في الخدمة ، كما في الشاهد إذا أراد أن يقوم بين يدي الملك ، ولهذا قيل إنّ الأولى أن يصلي الرجل في أحسن ثيابه وإنّ الصلاة متعمما أفضل من الصلاة مكشوف الرأس لما أنّ ذلك أبلغ في التعظيم (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) فاغسلوا أبدانكم (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) قال الرازي : معناه وجاء حتى لا يلزم المريض والمسافر التيمم بلا حدث (مِنَ الْغائِطِ) المكان المطمئن ، وهو كناية عن قضاء الحاجة (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) جامعتم (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) في باب الطهارة حتى لا يرخّص لكم في التيمم (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) بالتراب إذا أعوزكم التطهر بالماء (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) وليتم برخصه إنعامه عليكم بعزائمه (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمته فيثيبكم.
٧ ـ (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بالإسلام (وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) أي عاقدكم به عقدا وثيقا ، وهو الميثاق الذي أخذه على المسلمين حين بايعهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر والمنشط والمكره فقبلوا ، وقالوا سمعنا وأطعنا ، وقيل هو الميثاق ليلة العقبة وفي بيعة الرضوان (وَاتَّقُوا اللهَ) في نقض الميثاق (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بسرائر الصدور من الخير والشر ، وهو وعد ووعيد.
__________________
(١) في (ز) وقال في جامع العلوم.
(٢) متفق عليه.
(٣) عطاء : هو عطاء بن أسلم ـ أبو رباح ـ بن صفوان ، تابعي من أجلاء الفقهاء ، ولد باليمن ونشأ بمكة فكان مفتي أهلها ومحدثهم ولد عام ٢٧ ه توفي عام ١١٤ ه (الأعلام ٤ / ٢٣٥).