فعبّر عن إرادة الفعل بالفعل لأنّ الفعل مسبب عن الإرادة وأقيم المسبّب مقام السبب لملابسة بينهما طلبا للإيجاز ، ونحوه كما تدين تدان عبر عن الفعل (١) المبتدأ الذي هو سبب الجزاء بلفظ الجزاء الذي هو مسبّب عنه ، وتقديره وأنتم محدثون ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أو من النوم ، لأنه دليل الحدث ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم والخلفاء يتوضأون (٢) لكلّ صلاة ، وقيل كان الوضوء لكلّ صلاة واجبا أوّل ما فرض ثم نسخ (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) إلى تفيد معنى الغاية (٣) فأما دخولها في الحكم وخروجها فأمر يدور مع الدليل ، فما فيه دليل على الخروج (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) (٤) لأنّ الإعسار علة الإنظار ، وبوجود الميسرة تزول العلة ، ولو دخلت الميسرة فيه لكان منظرا في الحالتين معسرا وموسرا ، وكذلك (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٥) لو دخل الليل لوجب الوصال ، ومما فيه دليل على الدخول قولك حفظت القرآن من أوله إلى آخره لأن الكلام مسوق لحفظ القرآن كلّه ، ومنه قوله تعالى : (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٦) ولوقوع العلم بأنّه عليهالسلام لا يسرى به إلى بيت المقدس من غير أن يدخله ، وقوله إلى المرافق لا دليل فيه على أحد الأمرين ، فأخذ الجمهور بالاحتياط فحكموا بدخولها في الغسل ، وأخذ زفر وداود بالمتيقّن فلم يدخلاها ، وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يدير الماء على مرفقيه (٧) (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) المراد إلصاق المسح بالرأس ، وماسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح برأسه ، فأخذ مالك بالاحتياط فأوجب الاستيعاب ، والشافعيّ باليقين فأوجب أقلّ ما يقع عليه اسم المسح ، وأخذنا ببيان النبي عليهالسلام وهو ما روي أنه مسح على ناصيته (٨) وقدّرت الناصية بربع الرأس (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) بالنصب شامي ونافع وعلي وحفص ، والمعنى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم على التقديم والتأخير. غيرهم بالجر بالعطف على الرؤوس ، لأن الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها ، فكانت مظنة للإسراف المنهي عنه ، فعطفت على الممسوح لا لتمسح ، ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها ، وقيل إلى الكعبين فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة ،
__________________
(١) في (ز) الفعل الابتدائي.
(٢) في (ز) والصحابة يتوضأون.
(٣) زاد في (ز) مطلقا.
(٤) البقرة ، ٢ / ٢٨٠.
(٥) البقرة ، ٢ / ١٨٧.
(٦) الإسراء ، ١٧ / ١.
(٧) أخرجه الدارقطني من حديث جابر وإسناده ضعيف.
(٨) رواه مسلم من حديث المغيرة بن شعبة في قصة.