(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠) فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (٣١)
قال : إني أسمع الله يقول : إنما يتقبل الله من المتقين.
٢٨ ـ (لَئِنْ بَسَطْتَ) مددت (إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ) بماد (يَدِيَ) مدني وأبو عمرو وحفص (إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) قيل كان أقوى من القاتل وأبطش منه ، ولكن تحرج عن قتل أخيه ، واستسلم له خوفا من الله تعالى لأنّ الدفع لم يكن مباحا في ذلك الوقت ، وقيل بل كان ذلك واجبا فإنّ فيه إهلاك نفسه ومشاركة للقاتل في إثمه ، وإنما معناه ما أنا بباسط يدي إليك مبتدئا كقصدك ذلك مني ، وكان (١) عازما على مدافعته إذا قصد قتله ، وإنما قتله فتكا على غفلة منه ، إنّي أخاف حجازي وأبو عمرو.
٢٩ ـ (إِنِّي أُرِيدُ) (٢) مدني (أَنْ تَبُوءَ) أن تحتمل أو ترجع (بِإِثْمِي) بإثم قتلي إذا قتلتني (وَإِثْمِكَ) الذي لأجله لم يتقبّل قربانك ، وهو عقوق الأب والحسد والحقد ، وإنما أراد ذلك لكفره بردّه قضية الله تعالى ، أو كان ظالما ، وجزاء الظالم جائز أن يراد (فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ).
٣٠ ـ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) فوسعته ويسّرته من طاع له المرتع إذا اتسع (فَقَتَلَهُ) عند عقبة حراء ، أو بالبصرة ، والمقتول ابن عشرين سنة (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ).
٣١ ـ (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ) أي الله ، أو الغراب (كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ) عورة أخيه ، وما لا يجوز أن ينكشف من جسده. روي أنه أول قتيل قتل على وجه الأرض من بني آدم ، ولما قتله تركه بالعراء لا يدري ما يصنع به ، فخاف عليه السباع ، فحمله في جراب على ظهره سنة حتى أروح (٣) وعكفت عليه
__________________
(١) زاد في (ز) هابيل.
(٢) ليس في (أ) و(ظ) إنّي.
(٣) أروح : أنتن.