(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) (٤٣)
وإن أمركم بالرجم فلا تقبلوا ، فأمرهم بالرجم ، فأبوا أن يأخذوا به (١) (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ) ضلالته ، وهو حجة على من يقول يريد الله الإيمان ولا يريد الكفر (فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) قطع رجاء محمد صلىاللهعليهوسلم عن إيمان هؤلاء (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) عن الكفر لعلمه منهم اختيار الكفر ، وهو حجة لنا عليهم أيضا (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) للمنافقين فضيحة ولليهود خزية (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي التخليد في النار.
٤٢ ـ (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) كرر للتأكيد ، أي هم سماعون ، ومثله (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) وهو كل ما لا يحلّ كسبه ، وهو من سحته إذا استأصله ، لأنه مسحوت البركة ، وفي الحديث : (هو الرشوة في الحكم) (٢) وكانوا يأخذون الرشا على الأحكام وتحليل الحرام. وبالتثقيل مكي بصري وعلي (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) قيل كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مخيرا إذا تحاكم إليه أهل الكتاب بين أن يحكم بينهم وبين أن لا يحكم بينهم ، وقيل نسخ التخيير بقوله : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) (٣) (وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً) فلن يقدروا على الإضرار بك لأنّ الله تعالى يعصمك من الناس (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) بالعدل (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) العادلين.
٤٣ ـ (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) تعجيب من تحكيمهم لمن لا يؤمنون به وبكتابه مع أنّ الحكم منصوص في كتابهم الذي يدّعون الإيمان به. فيها حكم الله : حال من التوراة ، وهي مبتدأ وخبره عندهم (ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) عطف على يحكّمونك ، أي ثم يعرضون من بعد تحكيمك عن حكمك الموافق لما في كتابهم لا يرضون به (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) بك أو بكتابهم كما يدّعون.
__________________
(١) رواه ابن إسحاق في المغازي عن أبي هريرة.
(٢) رواه البخاري في كتاب الإجارة.
(٣) المائدة ، ٥ / ٤٩.