(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥)
٤٤ ـ (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً) يهدي للحق (وَنُورٌ) يبين ما استبهم من الأحكام (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) انقادوا لحكم الله في التوراة ، وهو صفة أجريت للنبيين على سبيل المدح ، وأريد بإجرائها التعريض باليهود لأنهم بعداء من (١) ملة الإسلام التي هي دين الأنبياء كلّهم (لِلَّذِينَ هادُوا) تابوا من الكفر ، واللام يتعلق بيحكم (وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) معطوفان على النبيون أي الزهاد والعلماء (بِمَا اسْتُحْفِظُوا) استودعوا ، قيل ويجوز أن يكون بدلا من بها في يحكم بها (مِنْ كِتابِ اللهِ) من للتبيين والضمير في استحفظوا للأنبياء والربانيين والأحبار جميعا ، والاستحفاظ (٢) من الله ، أي كلفهم الله حفظه ، أو للربانيين (٣) والأحبار ، والاستحفاظ (٤) من الأنبياء (وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) رقباء لئلا يبدّل (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) نهي للحكّام عن خشيتهم غير الله في حكوماتهم ، وإمضائها على خلاف ما أمروا به من العدل لخشية سلطان ظالم أو خيفة أذية أحد (وَاخْشَوْنِ) في مخالفة أمري وبالياء فيهما (٥) سهل وافقه أبو عمرو في الوصل (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي) ولا تستبدلوا بآيات الله وأحكامه (ثَمَناً قَلِيلاً) وهي الرشوة وابتغاء الجاه ورضا الناس (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) مستهينا به (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : من لم يحكم جاحدا فهو كافر ، وإن لم يكن جاحدا فهو فاسق ظالم. وقال ابن مسعود رضي الله عنه : هو عام في اليهود وغيرهم.
٤٥ ـ (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها) وفرضنا على اليهود في التوراة (أَنَّ النَّفْسَ) مأخوذة (بِالنَّفْسِ) مقتولة بها إذا قتلها (٦) بغير حق (وَالْعَيْنَ) مفقوءة (بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ
__________________
(١) في (ز) عن.
(٢) في (ز) ويكون الاستحفاظ.
(٣) في (ز) للربانيون.
(٤) في (ز) ويكون الاستحفاظ.
(٥) أي في الوصل والوقف.
(٦) في (ز) قتلتها.