(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (٨٢)
٧٩ ـ (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ) لا ينهى بعضهم بعضا (عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) عن قبيح فعلوه ، ومعنى وصف المنكر بفعلوه ولا يكون النهي بعد الفعل أنهم لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه ، أو عن مثل منكر فعلوه ، أو عن منكر أرادوا فعله ، أو المراد لا ينتهون عن منكر فعلوه بل يصرّون عليه ، يقال تناهى عن الأمر وانتهى عنه إذا امتنع منه وتركه ، ثم عجب من سوء فعلهم مؤكدا لذلك بالقسم بقوله (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) وفيه دليل على أنّ ترك النهي عن المنكر من العظائم. فيا حسرة على المسلمين في إعراضهم عنه.
٨٠ ـ (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) هم منافقو أهل الكتاب كانوا يوالون المشركين ويصافونهم (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) لبئس شيئا قدموه لأنفسهم سخط الله عليهم ، أي موجب سخط الله (وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) أي في جهنم.
٨١ ـ (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) إيمانا خالصا بلا نفاق (وَالنَّبِيِ) أي محمد صلىاللهعليهوسلم (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ) يعني القرآن (مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ) ما اتخذوا المشركين أولياء ، يعني أنّ موالاة المشركين تدلّ على نفاقهم (وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) مستمرون في كفرهم ونفاقهم ، أو معناه ولو كان هؤلاء اليهود يؤمنون بالله وبموسى وما أنزل إليه يعني التوراة ما اتخذوا المشركين أولياء كما لم يوالهم المسلمون ، ولكن كثيرا منهم فاسقون خارجون عن دينهم فلا دين لهم أصلا.
٨٢ ـ (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) هو مفعول ثان لتجدنّ. عداوة تمييز (وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) عطف عليهم (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) اللام تتعلق بعداوة ومودة. وصف اليهود بشدة الشكيمة والنصارى بلين العريكة ، وجعل اليهود قرناء المشركين في شدة العداوة للمؤمنين ،