(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (٨٨)
٨٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) ما طاب ولذّ من الحلال ، ومعنى لا تحرّموا لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم ، أو لا تقولوا حرّمناها على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهدا منكم وتقشفا. وروي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يأكل الدجاج والفالوذ ، وكان يعجبه الحلواء والعسل ، وقال : (إن المؤمن حلو يحب الحلاوة) (١) وعن الحسن أنه دعي إلى طعام ومعه فرقد السّبخي (٢) وأصحابه ، فقعدوا على المائدة وعليها الألوان من الدجاج المسمن والفالوذ وغير ذلك ، فاعتزل فرقد ناحية ، فسأل الحسن أهو صائم؟ قالوا لا ولكنه يكره هذه الألوان ، فأقبل الحسن عليه وقال يا فريقد أترى لعاب النحل بلباب البّر بخالص السمن يعيبه مسلم؟ وعنه أنه قيل له فلان لا يأكل الفالوذ ويقول لا أؤدّي شكره ، فقال : أفيشرب الماء البارد؟ قالوا : نعم ، قال : إنه جاهل أنّ نعمة الله عليه في الماء البارد أكبر من نعمته عليه في الفالوذ (وَلا تَعْتَدُوا) ولا تجاوزوا الحدّ الذي حدّ عليكم في تحليل أو تحريم ، أو ولا تتعدوا حدود ما أحلّ لكم إلى ما حرّم عليكم ، أو ولا تسرفوا في تناول الطيبات (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) حدوده.
٨٨ ـ (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً) حلالا حال مما رزقكم الله (وَاتَّقُوا اللهَ) تأكيد (٣) للتوصية بما أمر به ، وزاده تأكيدا (٤) بقوله (الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) لأنّ الإيمان به يوجب التقوى فيما أمر به ونهى.
__________________
(١) هذا منتزع من أحاديث ، أما أكل الدجاج فمتفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري في قصة له ، وأما أكله الفالوذ فرواه الحاكم من حديث عبد الله بن سلام ، وأما كان يعجبه الحلواء والعسل فمتفق عليه من حديث همام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، وأما إن المؤمن حلو يحب الحلاوة فذكره الديلمي في الفردوس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٢) فرقد السّبخي : فرقد بن يعقوب ، أبو يعقوب السّبخي العابد من أهل أرمينيا انتقل إلى البصرة وسكنها ينسب إلى سبخة كان يأويها ، يروي عن الحسن ـ البصري ـ وسعيد بن جبير روى عنه العراقيون ، مات قبل الطاعون وكان ذلك قبل سنة ١٣١ ه ، في (أ) و(ظ) و(ز) السنجي والتصويب من الأنساب ٣ / ٢١٢.
(٣) في (ظ) و(ز) توكيد.
(٤) في (ز) توكيدا.