(وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٨٦)
٨٤ ـ (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه وهو الطمع في إنعام الله عليهم بصحبة الصالحين ، وقيل لما رجعوا إلى قومهم لاموهم ، فأجابوهم بذلك ، وما لنا مبتدأ وخبر ، ولا نؤمن حال أي غير مؤمنين ، كقولك ما لك قائما (وَما جاءَنا) وبما جاءنا (مِنَ الْحَقِ) يعني محمدا عليهالسلام والقرآن (وَنَطْمَعُ) حال من ضمير الفاعل في نؤمن ، والتقدير ونحن نطمع (أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا) الجنة (مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) الأنبياء والمؤمنين.
٨٥ ـ (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا) أي بقولهم ربنا آمنا ، وتصديقهم لذلك (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) وفيه دليل على أنّ الإقرار داخل في الإيمان كما هو مذهب الفقهاء ، وتعلقت الكرّامية في أنّ الإيمان مجرد القول بقوله بما قالوا ، لكن الثناء بفيض الدمع في السباق وبالإحسان في السياق يدفع ذلك ، وأنى يكون مجرد القول إيمانا وقد قال الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (١) نفى الإيمان عنهم مع قولهم آمنا بالله لعدم التصديق بالقلب ، وقال أهل المعرفة : الموجود منهم ثلاثة أشياء : البكاء على الجفاء ، والدعاء على العطاء ، والرضا بالقضاء ، فمن ادعى المعرفة ولم يكن فيه هذه الثلاثة فليس بصادق في دعواه.
٨٦ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) هذا أثر الردّ في حقّ الأعداء ، والأول أثر القبول للأولياء.
ونزل في جماعة من الصحابة رضي الله عنهم حلفوا أن يترهّبوا ، ويلبسوا المسوح ، ويقوموا الليل ، ويصوموا النهار ، ويسيحوا في الأرض ، ويجبّوا مذاكيرهم ، ولا يأكلوا اللحم والودك (٢) ، ولا يقربوا النساء والطيب.
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٨.
(٢) الودك : دسم اللحم ودجاجة.