(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٩١)
مسعود كذلك (ذلِكَ) المذكور (كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) وحنثتم فترك ذكر الحنث لوقوع العلم بأنّ الكفارة لا تجب بنفس الحلف ولذا لم يجوّز (١) التكفير قبل الحنث (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) فبرّوا فيها ولا تحنثوا إذا لم يكن الحنث خيرا ، أو ولا تحلفوا أصلا (كَذلِكَ) مثل ذلك البيان (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أعلام شريعته وأحكامه (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمته فيما يعلّمكم ويسهّل عليكم المخرج منه.
٩٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) أي القمار (وَالْأَنْصابُ) الأصنام لأنها تنصب فتعبد (وَالْأَزْلامُ) وهي القداح التي مرت (رِجْسٌ) نجس أو خبيث مستقذر (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) لأنه يحمل عليه فكأنه عمله ، والضمير في (فَاجْتَنِبُوهُ) يرجع إلى الرجس ، أو إلى عمل الشيطان ، أو إلى المذكور ، أو إلى المضاف المحذوف كأنه قيل إنما تعاطي الخمر والميسر ولذا قال رجس (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أكد تحريم الخمر والميسر من وجوه ، حيث صدّر الجملة بإنما ، وقرنهما بعبادة الأصنام ، ومنه الحديث : (شارب الخمر كعابد الوثن) (٢) وجعلهما رجسا من عمل الشيطان ولا يأتي منه إلّا الشر البحت ، وأمر بالاجتناب وجعل الاجتناب من الفلاح ، وإذا كان الاجتناب فلاحا كان الارتكاب خسارا.
٩١ ـ (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) ذكر ما يتولّد منهما من الوبال وهو وقوع التعادي والتباغض بين أصحاب الخمر والقمر وما يؤديان إليه من الصدّ عن ذكر الله وعن مراعاة أوقات الصلاة ، وخص الصلاة من بين الذّكر لزيادة درجتها ، كأنه قال وعن الصلاة خصوصا ، وإنما جمع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخرا لأنّ الخطاب مع المؤمنين ، وإنما نهاهم عما (٣) كانوا يتعاطونه من شرب الخمر واللعب بالميسر وذكر الأنصاب والأزلام لتأكيد تحريم الخمر والميسر وإظهار أنّ ذلك جميعا
__________________
(١) في (ز) لم يجز.
(٢) أخرجه البزار من حديث مجاهد عن عبد الله ابن عمر ، وأبو نعيم في الحلية.
(٣) في (أ) غير مقروءة.