(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٩٤)
من أعمال أهل الشرك ، فكأنه لا مباينة بين عابد الصنم وشارب الخمر والمقامر ، ثم أفردهما بالذكر ليعلم أنهما المقصود بالذكر (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) من أبلغ ما ينهى به ، كأنه قيل قد تلي عليكم ما فيهما من أنواع الصوارف والزواجر فهل أنتم مع هذه الصوارف منتهون أم أنتم على ما كنتم عليه كأن لم توعظوا ولم تزجروا.
٩٢ ـ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا) وكونوا حذرين خاشعين ، لأنهم إذا حذروا دعاهم الحذر إلى اتقاء كلّ سيئة وعمل كل حسنة (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن ذلك (فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي فاعلموا أنكم لم تضروا بتولّيكم الرسول لأنه ما كلّف إلا البلاغ المبين بالآيات ، وإنما ضررتم أنفسكم حين أعرضتم عما كلّفتموه ، ونزل فيمن تعاطى شيئا من الخمر والميسر قبل التحريم.
٩٣ ـ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) أي شربوا من الخمر وأكلوا من مال القمار قبل تحريمهما (إِذا مَا اتَّقَوْا) الشّرك (وَآمَنُوا) بالله (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بعد الإيمان (ثُمَّ اتَّقَوْا) الخمر والميسر بعد التحريم (وَآمَنُوا) بتحريمهما (ثُمَّ اتَّقَوْا) سائر المحرمات ، أو الأول عن الشرك والثاني عن المحرمات والثالث عن الشبهات (وَأَحْسَنُوا) إلى الناس (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
ولما ابتلاهم الله بالصيد عام الحديبية وهم محرمون ، وكثر عندهم حتى كان يغشاهم في رحالهم فيستمكنون من صيده أخذا بأيديهم وطعنا برماحهم نزل :
٩٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) ومعنى يبلو يختبر وهو من الله لإظهار ما علم من العبد على ما علم لا ليعلم (١) ما لم يعلم ، ومن للتبعيض إذ لا يحرم كلّ صيد ، أو لبيان الجنس (لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) ليعلم الله خوف الخائف منه بالامتناع عن الاصطياد موجودا كما كان يعلم قبل وجوده أنه يوجد ليثيبه على عمله لا على علمه فيه (فَمَنِ اعْتَدى) فصاد (بَعْدَ
__________________
(١) في (ز) لعلم.