(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦) جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٩٧)
٩٦ ـ (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) مصيدات البحر مما يؤكل ومما لا يؤكل (وَطَعامُهُ) وما يطعم من صيده ، والمعنى أحلّ لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر وأحلّ لكم أكل المأكول منه وهو السمك وحده (مَتاعاً لَكُمْ) مفعول له ، أي أحلّ لكم تمتيعا لكم (وَلِلسَّيَّارَةِ) وللمسافرين ، والمعنى أحل لكم طعامه تمتيعا لتنّائكم (١) يأكلونه طريا ولسيّارتكم يتزودونه قديدا ، كما تزوّد موسى عليهالسلام الحوت في مسيره إلى الخضر (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) ما صيد فيه ، وهو ما يفرّخ فيه وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كالبط فإنه بري لأنّه يتولد في البر ، والبحر له مرعى كما للناس متجر (ما دُمْتُمْ حُرُماً) محرمين (وَاتَّقُوا اللهَ) بالاصطياد (٢) في الحرم أو في الإحرام (الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) تبعثون فيجزيكم على أعمالكم.
٩٧ ـ (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ) أي صيّر (الْبَيْتَ الْحَرامَ) بدل أو عطف بيان (قِياماً) مفعول ثان ، أو جعل بمعنى خلق وقياما حال (لِلنَّاسِ) أي انتعاشا لهم في أمر دينهم ، ونهوضا إلى أغراضهم في معاشهم ومعادهم ، لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وتجارتهم (٣) وأنواع منافعهم ، قيل لو تركوه عاما لم ينظروا ولم يؤخروا (وَالشَّهْرَ الْحَرامَ) والشهر الذي يؤدى فيه الحج وهو ذو الحجة ، لأن لاختصاصه (٤) من بين الأشهر بإقامة موسم الحج فيه شأنا قد علمه الله ، أو أريد به جنس الأشهر الحرم ، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم (وَالْهَدْيَ) ما يهدى إلى مكة (وَالْقَلائِدَ) والمقلّد منه خصوصا وهو البدن ، فالثواب فيه أكثر ، وبهاء الحج معه أظهر (ذلِكَ) إشارة إلى جعل الكعبة قياما ، أو إلى ما ذكر من حفظ حرمة الإحرام بترك الصيد وغيره (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي لتعلموا أنّ الله يعلم مصالح ما في السماوات وما في الأرض ، وكيف لا يعلم وهو بكل شيء عليم.
__________________
(١) لتنائكم : التّنّاء جمع تانىء وهم المقيمون حيث أنتم (القاموس ١ / ٩).
(٢) في (ظ) و(ز) في الاصطياد.
(٣) ليست في (ظ) و(ز).
(٤) في (ظ) لأن اختصاصه ، وفي (ز) لأن في اختصاصه.