(قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢) ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٠٣) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٠٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥)
١٠٢ ـ والضمير في (قَدْ سَأَلَها) لا يرجع إلى أشياء حتى يعدّى بعن بل يرجع إلى المسألة التي دلت عليها لا تسألوا ، أي قد سأل هذه المسألة (قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) من الأولين (ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها) صاروا بسببها (كافِرِينَ) كما عرف في بني إسرائيل.
١٠٣ ـ (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) كان أهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها ، أي شقوها وامتنعوا من ركوبها وذبحها ، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى ، واسمها البحيرة ، وكان يقول الرجل : إذا قدمت من سفري ، أو برأت من مرضي فناقتي سائبة وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها ، وقيل كان الرجل إذا أعتق عبدا قال : هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث ، وكانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كان السابع ذكرا أكله الرجال ، وإن كان أنثى أرسلت في الغنم ، وكذا إن كان ذكرا وأنثى وقالوا وصلت أخاها ، فالوصيلة بمعنى الواصلة ، وإذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره ، فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى ، ومعنى ما جعل ما شرع ذلك ولا أمر به (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتحريمهم ما حرّموا (يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في نسبتهم هذا التحريم إليه (وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) أنّ الله لم يحرّم ذلك ، وهم عوامهم.
١٠٤ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ) أي هلموا إلى حكم الله ورسوله بأنّ هذه الأشياء غير محرّمة (قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) أي كافينا ذلك ، حسبنا مبتدأ والخبر ما وجدنا ، وما بمعنى الذي ، والواو في (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ) للحال قد دخلت عليها همزة الإنكار ، وتقديره أحسبهم ذلك ولو كان آباؤهم (لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) أي الاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدي ، وإنما يعرف اهتداؤه بالحجّة.
١٠٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) انتصب أنفسكم بعليكم ، وهو من