(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (١٠٦)
أسماء الأفعال ، أي الزموا إصلاح أنفسكم ، والكاف والميم في عليكم في موضع جر ، لأن اسم الفعل هو الجار والمجرور لا على وحدها (لا يَضُرُّكُمْ) رفع على الاستئناف ، أو جزم على جواب الأمر ، وإنما ضمت الراء إتباعا لضمة الضاد (مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) كان المؤمنون تذهب أنفسهم حسرة على أهل العناد من الكفرة يتمنون دخولهم في الإسلام فقيل لهم عليكم أنفسكم وما كلّفتم من إصلاحها لا يضرّكم الضّلّال عن دينكم إذا كنتم مهتدين ، وليس المراد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن تركهما مع القدرة عليهما لا يجوز (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) رجوعكم (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ثم يجزيكم على أعمالكم.
روي أنه خرج بديل مولى عمرو بن العاص وكان من المهاجرين مع عديّ وتميم وكانا نصرانيين إلى الشام ، فمرض بديل وكتب كتابا فيه ما معه ، وطرحه في متاعه ، ولم يخبر به صاحبيه ، وأوصى إليهما بأن يدفعا متاعه إلى أهله ومات ، ففتشا متاعه ، فأخذا إناء من فضة ، فأصاب أهل بديل الصحيفة ، فطالبوهما بالإناء فجحدا ، فرفعوهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزل :
١٠٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ) ارتفع اثنان لأنه خبر المبتدأ وهو شهادة ، بتقدير شهادة بينكم شهادة اثنين ، أو لأنه فاعل شهادة بينكم ، أي فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان. واتسع في بين فأضيف إليه المصدر ، وإذا حضر ظرف للشهادة ، وحين الوصية بدل منه ، وفي إبداله منه دليل على وجوب الوصية ، لأن حضور الموت من الأمور الكائنة ، وحين الوصية بدل منه فيدل على وجوب الوصية ، ولو وجدت بدون الاختيار لسقط الابتلاء ، فنقل إلى الوجوب ، وحضور الموت مشارفته وظهور أمارات بلوغ الأجل (ذَوا عَدْلٍ) صفة لاثنان (مِنْكُمْ) من أقاربكم لأنهم أعلم بأحوال الميت (أَوْ آخَرانِ) عطف على اثنان (مِنْ غَيْرِكُمْ) من الأجانب (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) سافرتم فيها ، وأنتم فاعل فعل يفسره الظاهر (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) أو منكم من المسلمين ومن غيركم من