(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٩٦)
٩٢ ـ (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) الأمة الملّة ، وهذه إشارة إلى ملّة الإسلام ، وهي ملّة جميع الأنبياء ، وأمة واحدة ، أي متوحّدة غير متفرقة ، والعامل ما دلّ عليه اسم الإشارة ، أي أنّ ملّة الإسلام هي ملّتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها ، يشار إليها ملّة واحدة غير مختلفة (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) أي ربيتكم اختيارا فاعبدوني شكرا وافتخارا ، والخطاب للناس كافة.
٩٣ ـ (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) أصل الكلام وتقطّعتم إلّا أنّ الكلام صرف إلى الغيبة على طريقة الالتفات ، والمعنى وجعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا وصاروا فرقا وأحزابا ، ثم توعّدهم بأنّ هؤلاء الفرق المختلفة (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) فنجازيهم على أعمالهم.
٩٤ ـ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ) شيئا (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) بما يجب الإيمان به (فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ) أي فإنّ سعيه مشكور مقبول ، والكفران مثل في حرمان الثواب ، كما أنّ الشكر مثل في إعطائه ، وقد نفي نفي الجنس ليكون أبلغ (وَإِنَّا لَهُ) للسعي ، أي الحفظة بأمرنا (كاتِبُونَ) في صحيفة عمله فنثيبه به.
٩٥ ـ (وَحَرامٌ) وحرم كوفي غير حفص وخلف ، وهما لغتان كحلّ وحلال وزنا وضدّه معنى ، والمراد بالحرام الممتنع وجوده (عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) والمعنى وممتنع على كل (١) مهلك غير ممكن أن لا يرجع إلى الله بالبعث ، أو حرام على قرية أهلكناها أي قدّرنا إهلاكهم ، أو حكمنا بإهلاكهم ذلك ، وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور أنهم لا يرجعون ، أي لأنهم لا يرجعون (٢) من الكفر إلى الإسلام.
٩٦ ـ (حَتَّى) هي التي يحكى بعدها الكلام ، والكلام المحكيّ الجملة من الشرط والجزاء ، أعني (إِذا) وما في حيزها (فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) أي فتح
__________________
(١) ليست في (ز).
(٢) سقط من (ز) أي لأنهم لا يرجعون.