(لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٣٩)
وإذا حضرت الصلاة قاموا إليها غير متثاقلين كأولياء العشرة (يَخافُونَ يَوْماً) أي يوم القيامة ، ويخافون حال من الضمير في تلهيهم ، أو صفة أخرى لرجال (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ) ببلوغها إلى الحناجر (وَالْأَبْصارُ) بالشخوص والزرقة (١) ، أو تتقلب القلوب إلى الإيمان بعد الكفران ، والأبصار إلى العيان بعد إنكاره للطغيان ، كقوله : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢).
٣٨ ـ (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي يسبّحون ويخافون ليجزيهم الله أحسن جزاء أعمالهم ، أي ليجزيهم ثوابهم مضاعفا ويزيدهم على الثواب الموعود على العمل تفضّلا (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي يثيب من يشاء ثوابا لا يدخل في حساب الخلق ، هذه صفات المهتدين بنور الله. فأما الذين ضلّوا عنه فالمذكورون في قوله :
٣٩ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ) هو ما يرى في الفلاة من ضوء الشمس وقت الظهيرة (٣) يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري (بِقِيعَةٍ) بقاع ، أو جمع قاع وهو المنبسط المستوي من الأرض كجيرة في جار (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ) يظنّه العطشان (ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ) أي جاء إلى ما توهّم أنه ماء (لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) أي لم يجده (٤) كما ظنّه (وَوَجَدَ اللهَ) أي جزاء الله كقوله : (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) (٥) أي يجد مغفرته ورحمته (عِنْدَهُ) عند الكافر (فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) أي أعطاه جزاء عمله وافيا كاملا ، وحّد بعد تقدّم الجمع حملا على كلّ واحد من الكفار (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) لأنه لا يحتاج إلى عدّ وعقد ، ولا يشغله حساب عن حساب ، أو قريب حسابه لأنّ ما هو آت قريب ، شبّه ما يعمله من لا يعتقد الإيمان ولا يتّبع الحقّ من الأعمال الصالحة
__________________
(١) الشخوص : فتح العينين مع عدم طرفهما ، والزرقة : انقلاب العين وظهور بياضها.
(٢) ق ، ٥٠ / ٢٢.
(٣) في (ز) الظهر.
(٤) ليس في (ز) أي لم يجده.
(٥) النساء ، ٤ / ١١٠.