(وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٦٠)
الاحتلام (١) ، أي إذا بلغوا وأرادوا الدخول عليكم (فَلْيَسْتَأْذِنُوا) في جميع الأوقات (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي الذين بلغوا الحلم من قبلهم ، وهم الرجال ، أو الذين ذكروا من قبلهم في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا) (٢) الآية ، والمعنى أنّ الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في العورات الثلاث ، فإذا اعتاد الأطفال ذلك ، ثم بلغوا بالاحتلام أو بالسنّ وجب أن يفطموا عن تلك العادة ، ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات كالرجال الكبار الذين لم يعتادوا الدخول عليكم إلا بإذن والناس عن هذا غافلون ، وعن ابن عباس رضي الله عنه : ثلاث آيات جحدهنّ الناس الإذن كلّه وقوله : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٣) (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) (٤) وعن سعيد بن جبير : يقولون هي منسوخة والله ما هي بمنسوخة ، وقوله (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ) فيما بيّن من الأحكام (حَكِيمٌ) بمصالح الأنام (٥).
٦٠ ـ (وَالْقَواعِدُ) جمع قاعد لأنها من الصفات المختصة بالنساء كالطالق والحائض أي اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهنّ (مِنَ النِّساءِ) حال (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) لا يطمعن فيه ، وهي في محلّ الرفع صفة للمبتدأ وهي القواعد ، والخبر (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ) إثم ، ودخلت الفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط بسبب الألف واللام (أَنْ يَضَعْنَ) في أن يضعن (ثِيابَهُنَ) أي الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار (غَيْرَ) حال (مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) أي غير مظهرات زينة ، يريد الزينة الخفية كالشعر والنحر والساق ونحو ذلك ، أي لا يقصدن بوضعها التبرّج ولكن التخفيف ، وحقيقة التبرج تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) أي يطلبن العفة عن وضع الثياب فيستترن ، وهو مبتدأ خبره (خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ) لما يعلنّ (عَلِيمٌ) بما يقّصدن.
__________________
(١) في (ز) أي الاحتلام.
(٢) الآية ٢٧ من هذه السورة.
(٣) الحجرات ، ٤٩ / ١٣.
(٤) النساء ، ٤ / ٨.
(٥) في (ز) : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ) بمصالح الأنام (حَكِيمٌ) فيما بين من الأحكام.