(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٩)
أو العبيد (١) والإماء (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) والأطفال (٢) الذين لم يحتلموا من الأحرار ، وقرىء بسكون اللام تخفيفا (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) في اليوم والليلة وهي (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ، ولبس ثياب اليقظة (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) وهي نصف النهار في القيظ لأنها وقت وضع الثياب للقيلولة (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) لأنه وقت التجرّد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم (ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) أي هي أوقات ثلاث عورات ، فحذف المبتدأ والمضاف. وبالنصب كوفي غير حفص بدلا من ثلاث مرات ، أي أوقات ثلاث عورات ، وسمّي كلّ واحد من هذه الأحوال عورة لأنّ الإنسان يختلّ تستره فيها ، والعورة : الخلل ، ومنها الأعور المختلّ العين. دخل غلام من الأنصار يقال له مدلج بن عمرو على عمر رضي الله عنه وقت الظهيرة وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه ، فقال عمر رضي الله عنه ، وددت أنّ الله نهى عن الدخول في هذه الساعات إلا بالإذن فانطلق إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وقد نزلت عليه الآية (٣) ، ثم عذرهم في ترك الاستئذان وراء هذه المرات بقوله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ) أي لا إثم عليكم ولا على المذكورين في الدخول بغير استئذان بعدهنّ ، ثم بيّن العلة في ترك الاستئذان في هذه الأوقات بقوله (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي هم طوافون لحوائج (٤) البيت (بَعْضُكُمْ) مبتدأ خبره (عَلى بَعْضٍ) تقديره بعضكم طائف على بعض فحذف طائف لدلالة طوافون عليكم (٥) ، ويجوز أن تكون الجملة بدلا من التي قبلها وأن تكون مبينة مؤكدة ، يعني أنّ بكم وبهم حاجة إلى المخالطة والمداخلة ، يطوفون عليكم للخدمة وتطوفون عليهم للاستخدام ، فلو جزم الأمر بالاستئذان في كلّ وقت لأفضى إلى الحرج وهو مدفوع في الشرع بالنصّ (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) أي كما بيّن حكم الاستئذان يبيّن لكم غيره من الآيات التي احتجتم إلى بيانها (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمصالح عباده (حَكِيمٌ) في بيان مراده.
٥٩ ـ (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ) أي الأحرار دون المماليك (الْحُلُمَ)
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) أو العبيد.
(٢) في (ز) أي الأطفال.
(٣) قال ابن حجر : هكذا نقله الثعلبي والواحدي والبغوي عن ابن عباس بغير سند.
(٤) في (ظ) لحاجة ، وفي (ز) بحوائج.
(٥) في (ظ) و (ز) عليه.