(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٨)
وعدهم أي وعدهم الله ذلك في حال عبادتهم فمحلّه النصب (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) حال من فاعل يعبدونني (١) ، أي يعبدونني موحدين ، ويجوز أن يكون حالا بدلا من الحال الأولى (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ) أي بعد الموعد (٢) ، والمراد كفران النعمة كقوله تعالى : (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) (٣) (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) هم الكاملون في فسقهم حيث كفروا تلك النعمة الجسيمة وجسروا على غمطها ، قالوا : أول من كفر هذه النعمة قتلة عثمان رضي الله عنه ، فاقتتلوا بعدما كانوا إخوانا وزال عنهم الخوف ، والآية أوضح دليل على صحة خلافة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين ، لأن المستخلفين الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم هم.
٥٦ ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) معطوف على أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا يضرّ الفصل وإن طال (وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) فيما يدعوكم إليه ، وكررت طاعة الرسول تأكيدا لوجوبها (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي لكي ترحموا ، فإنها من مستجلبات الرحمة ، ثم ذكر الكافرين فقال :
٥٧ ـ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي فائتين الله بأن لا يقدر عليهم فيها ، فالتاء خطاب للنبيّ عليه الصلاة والسلام ، وهو الفاعل ، والمفعولان الذين كفروا ومعجزين. وبالياء شامي وحمزة ، والفاعل النبي صلىاللهعليهوسلم لتقدّم ذكره والمفعولان الذين كفروا ومعجزين (وَمَأْواهُمُ النَّارُ) معطوف على لا تحسبنّ الذين كفروا معجزين ، كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون الله ومأواهم النار (وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي المرجع النار.
٥٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أمر بأن يستأذن العبيد
__________________
(١) في (ز) يعبدون.
(٢) في (ظ) و (ز) الوعد.
(٣) النحل ، ١٦ / ١١٢.