(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٢)
مولاها (١) أعتقها سرورا بذلك ، فأما الآن (٢) فقد غلب الشحّ على الناس فلا يؤكل إلا بإذن (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً) مجتمعين (أَوْ أَشْتاتاً) متفرقين ، جمع شتّ ، نزلت في بني ليث بن عمرو (٣) وكانوا يتحرّجون أن يأكل الرجل وحده ، فربما قعد منتظرا نهاره إلى الليل ، فإن لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة ، أو في قوم من الأنصار إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا مع ضيفهم ، أو تحرّجوا عن الاجتماع على الطعام لاختلاف الناس في الأكل وزيادة بعضهم على بعض (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) من هذه البيوت لتأكلوا (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي فابدؤوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم دينا وقرابة ، أو بيوتا فارغة ، أو مسجدا ، فقولوا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (تَحِيَّةً) نصب بسلّموا لأنها في معنى تسليما ، نحو قعدت جلوسا (مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي ثابتة بأمره مشروعة من لدنه ، أو لأنّ التسليم والتحية طلب سلامة وحياة للمسلّم عليه ، والمحيا من عند الله (مُبارَكَةً طَيِّبَةً) وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) لكي تعقلوا وتفهموا.
٦٢ ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) أي الذي يجمع له الناس نحو الجهاد والتدبير في الحرب وكلّ اجتماع في الله حتى الجمعة والعيدين (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) أي ويأذن لهم ، ولما أراد الله عزوجل أن يريهم عظم الجناية في ذهاب الذاهب عن مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغير إذنه إذا كانوا معه على أمر جامع جعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله وجعلهما كالتشبيب له والبساط لذكره وذلك مع تصدير الجملة بإنما ، وإيقاع المؤمنين مبتدأ مخبّرا عنه بموصول أحاطت صلته بذكر الإيمانين ، ثم عقبه بما يزيده توكيدا وتشديدا حيث أعاده على أسلوب آخر وهو قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ
__________________
(١) زاد في (ز) فأخبرته.
(٢) خطأ ترقيم في (أ) يبدأ من هنا إلى آخر سورة النور ويتوقف عند الآية ٢٠ من سورة الفرقان ، أثر إرباك في تصوير المخطوطة.
(٣) بنو ليث بن عمرو : حي من أحياء العرب من كنانة (الطبري في التفسير ـ الأنساب ٥ / ٩٨).