(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩) وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) (٤٠)
عجيب ، أراد اختصار القصة فذكر أولها وآخرها لأنهما المقصود من القصة ، أعني إلزام الحجة ببعثة الرسل ، واستحقاق التدمير بتكذيبهم.
٣٧ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ) أي ودمّرنا قوم نوح (لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) يعني نوحا وإدريس وشيثا ، أو كان تكذيبهم لواحد منهم تكذيبا للجميع (أَغْرَقْناهُمْ) بالطوفان (وَجَعَلْناهُمْ) وجعلنا إغراقهم أو قصّتهم (لِلنَّاسِ آيَةً) عبرة يعتبرون بها (وَأَعْتَدْنا) وهيأنا (لِلظَّالِمِينَ) لقوم نوح ، وأصله وأعتدنا لهم إلا أنه أراد تظليمهم فأظهر ، أو هو عامّ لكلّ من ظلم ظلم شرك ويتناولهم بعمومه (عَذاباً أَلِيماً) أي النار.
٣٨ ـ (وَعاداً) دمرنا عادا (وَثَمُودَ) حمزة وحفص على تأويل القبيلة ، وغيرهما وثمودا على تأويل الحي ، أو لأنه اسم الأب الأكبر (وَأَصْحابَ الرَّسِ) هم قوم شعيب كانوا يعبدون الأصنام ، فكذبوا شعيبا ، فبينا هم حول الرسّ ، وهو البئر غير مطوية ، انهارت بهم ، فخسف بهم وبديارهم ، وقيل الرسّ قرية قتلوا نبيّهم فهلكوا ، أو هم أصحاب الأخدود ، والرسّ الأخدود (وَقُرُوناً) وأهلكنا أمما (بَيْنَ ذلِكَ) المذكور (كَثِيراً) لا يعلمها إلا الله ، أرسل إليهم الرسل (١) فكذبوهم ، فأهلكوا.
٣٩ ـ (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) أي أهلكنا إهلاكا ، وكلّا الأول منصوب بما دل عليه ضربنا له الأمثال ، وهو أنذرنا أو حذرنا ، والثاني بتبّرنا لأنه فارغ له.
٤٠ ـ (وَلَقَدْ أَتَوْا) يعني أهل مكة (عَلَى الْقَرْيَةِ) سدوم وهي أعظم قرى قوم لوط ، وكانت خمسا ، أهلك الله أربعا مع أهلها وبقيت واحدة (الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) أي أمطر الله عليها الحجارة ، يعني أنّ قريشا مرّوا مرارا كثيرة في متاجرهم إلى الشام على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة من السماء ، ومطر السّوء مفعول ثان ، والأصل أمطرت القرية مطرا ، أو مصدر محذوف الزوائد أي إمطار السوء (أَفَلَمْ
__________________
(١) ليس في (ز) الرسل.