وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٥٧)
(مَحْجُوراً) وسترا ممنوعا عن الأعين كقوله : (حِجاباً مَسْتُوراً) (١).
٥٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ) أي النطفة (بَشَراً) إنسانا (فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) أراد تقسيم البشر قسمين : ذوي نسب أي ذكورا ينسب إليهم فيقال فلان بن فلان وفلانة بنت فلان ، وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهنّ كقوله تعالى : (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٢) (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) حيث خلق من النطفة الواحدة بشرا نوعين ذكرا وأنثى ، وقيل فجعله نسبا أي قرابة وصهرا أي (٣) مصاهرة يعني الوصلة بالنكاح ، منّ (٤) بالأنساب ، لأن التواصل يقع بها وبالمصاهرة ، لأن التوالد يكون بهما.
٥٥ ـ (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ) إن عبدوه (وَلا يَضُرُّهُمْ) إن تركوه (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ) على معصية ربّه (ظَهِيراً) معينا ومظاهرا ، وفعيل بمعنى مفاعل ، غير عزيز ، والظهير والمظاهر كالعوين والمعاون ، والمظاهرة المعاونة ، والمعنى أنّ الكافر بعبادة الصنم يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الرحمن.
٥٦ ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً) للمؤمنين (وَنَذِيراً) منذرا للكافرين.
٥٧ ـ (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) على التبليغ (مِنْ أَجْرٍ) جعل ، مثال (٥) (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) والمراد إلّا فعل من شاء ، واستثناؤه من الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال : ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت إلّا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه ، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب ولكن صوّره بصورة الثواب كأنه يقول : إنّ حفظك مالك بمنزلة (٦) الثواب لي ورضاي به كرضا المثاب بالثواب ، ولعمري إنه عليه الصلاة والسلام مع أمته بهذا الصدد ومعنى اتخاذهم إلى الله سبيلا تقرّبهم إليه بالإيمان والطاعة ، أو بالصدقة والنفقة ، وقيل المراد لكن من شاء أن يتخذ بالإنفاق إلى رضاء ربّه سبيلا فليفعل ، وقيل تقديره لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجرا إلا اتخاذ المدعوّ سبيلا إلى ربّه
__________________
(١) الإسراء ، ١٧ / ٤٥.
(٢) القيامة ، ٧٥ / ٣٩.
(٣) ليس في (ز) أي.
(٤) في (ز) من باب الأنساب.
(٥) ليس في (ز) مثال.
(٦) في (ظ) و (ز) إن حفظك مالك اعتد حفظك بمنزلة.