(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠) تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) (٦٢)
الذي باليمامة ، يعنون مسيلمة ، وكان يقال له رحمان اليمامة.
٦٠ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) أي إذا قال محمد عليه الصلاة والسلام للمشركين (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) صلوا لله واخضعوا له (قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) أي لا نعرف الرحمن فنسجد له ، فهذا سؤال عن المسمّى به ، لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم ، والسؤال عن المجهول بما ، أو عن معناه ، لأنه لم يكن مستعملا في كلامهم كما استعمل الرحيم والراحم والرحوم (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) للذي تأمرنا بالسجود له ، أو لأمرك بالسجود يا محمد من غير علم منّا به. يأمرنا عليّ وحمزة ، كأن بعضّهم قال لبعض : أنسجد لما يأمرنا محمد ، أو يأمرنا المسمّى بالرحمن ولا نعرف ما هو؟ فقد عاندوا ، لأن معناه عند أهل اللغة ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة ، لأن فعلان من أبنية المبالغة ، تقول رجل عطشان إذا كان في نهاية العطش (وَزادَهُمْ) قوله اسجدوا للرحمن (نُفُوراً) تباعدا عن الإيمان.
٦١ ـ (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) هي منازل الكواكب السبعة (١) السيارة ، لكلّ كوكب بيتان يقوى حاله فيهما ، وللشمس بيت وللقمر بيت. فالحمل والعقرب بيتا المريخ ، والثور والميزان بيتا الزهرة ، والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد ، والسرطان بيت القمر ، والأسد بيت الشمس ، والقوس والحوت بيتا المشتري ، والجدي والدلو بيتا زحل. وهذه البروج مقسومة على الطبائع الأربع ، فيصيب كلّ واحد منها ثلاثة بروج : فالحمل والأسد والقوس مثلثة نارية ، والثور والسنبلة والجدي مثلثة أرضية ، والجوزاء والميزان والدلو مثلثة هوائية ، والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية. سميت (٢) بالبروج التي هي القصور العالية لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها ، واشتقاق البروج من التبرّج لظهوره ، وقال الحسن وقتادة ومجاهد : البروج هي النجوم الكبار لظهورها (وَجَعَلَ فِيها) في السماء (سِراجاً) يعني الشمس لتوقّدها. سرجا حمزة وعليّ أي نجوما (وَقَمَراً مُنِيراً) مضيئا بالليل.
٦٢ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) فعلة من خلف كالركبة من ركب ،
__________________
(١) ليس في (ز) السبعة.
(٢) زاد في (ز) المنازل.