(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) (٦٥)
وهي الحالة التي يخلف عليها الليل والنهار كلّ واحد منهما الآخر ، والمعنى جعلهما ذوي خلفة ، يخلف أحدهما الآخر عند مضيّه ، أو يخلفه في قضاء ما فاته من الورد (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) يتدبّر في تسخيرهما واختلافهما ، فيعرف مدبّرهما ، يذكر حمزة وخلف ، أي يذكر الله أو المنسيّ فيقضي (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) أي يشكر نعمة ربّه عليه فيهما.
٦٣ ـ (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) مبتدأ خبره (الَّذِينَ يَمْشُونَ) أو أولئك يجزون (١) ، والذين يمشون وما بعده (٢) صفة ، والإضافة إلى الرحمن للتخصيص والتفضيل. وصف أولياءه بعد ما وصف أعداءه (عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) حال ، أو صفة للمشي ، أي هيّنين ، أو مشيا هيّنا ، والهون الرفق واللين ، أي يمشون بسكينة ووقار وتواضع دون مرح واختيال وتكبر ، فلا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا ، ولذا كره بعض العلماء الركوب في الأسواق ولقوله : (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) (٣) (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ) أي السفهاء بما يكرهون (قالُوا سَلاماً) سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإفك ، أو تسلّما منكم نتارككم ولا نجاهلكم ، فأقيم السلام مقام التسليم (٤) وقيل نسختها آية القتال ، ولا حاجة إلى ذلك ، فالإغضاء عن السفهاء مستحسن شرعا ومروءة.
هذا وصف نهارهم ، ثم وصف ليلهم بقوله :
٦٤ ـ (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً) جمع ساجد (وَقِياماً) جمع قائم ، فالبيتوتة خلاف الظّلول ، وهي أن يدركك الليل نمت أو لم تنم ، وقالوا من قرأ شيئا من القرآن في صلاة وإن قلّ فقد بات ساجدا وقائما ، وقيل هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء ، والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره.
٦٥ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً)
__________________
(١) في (ظ) زاد : الغرفة بما صبروا.
(٢) في (ز) بعدهما.
(٣) الآية ٢٠ من هذه السورة.
(٤) في (ز) التسلم.