قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) (٥٣)
(السِّحْرَ) وقد تواطأتم على أمر ومكر (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وبال ما فعلتم ، ثم صرّح فقال (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) من أجل خلاف ظهر منكم (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) كأنه أراد به ترهيب العامة لئلا يتّبعوهم في الإيمان.
٥٠ ـ (قالُوا لا ضَيْرَ) لا ضرر ، وخبر لا محذوف أي في ذلك أو علينا (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ).
٥١ ـ (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا) لأن كنا (أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) من أهل الشّهداء (١) أو من رعية فرعون. أرادوا لا ضرر علينا في ذلك بل لنا أعظم النفع لما يحصل لنا في الصبر عليه لوجه الله من تكفير الخطايا ، أو لا ضير علينا فيما تتوعدنا به إنه لا بدّ لنا من الانقلاب إلى ربّنا بسبب من أسباب الموت ، والقتل أهون أسبابه وأرجاها ، أو لا ضير علينا في قتلك إنك إن قتلتنا انقلبنا إلى ربّنا إنقلاب من يطمع في مغفرته ويرجو رحمته لما رزقنا من السبق إلى الإيمان.
٥٢ ـ (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ) وبوصل الهمزة حجازي (بِعِبادِي) بني إسرائيل سمّاهم عباده لإيمانهم بنبيه ، أي سر بهم ليلا ، وهذا بعد سنين من إيمان السحرة (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) يتّبعكم فرعون وقومه ، علّل الأمر بالإسراء باتباع فرعون وجنوده آثارهم ، يعني إني بنيت تدبير أمركم وأمرهم على أنّ تتقدموا ويتّبعوكم حتى يدخلوا مدخلكم من طريق البحر فأهلكهم ، وروي أنه مات في تلك الليلة في كلّ بيت من بيوتهم ولد فاشتغلوا بموتاهم حتى خرج موسى بقومه ، وروي أنّ الله تعالى أوحى إلى موسى أن اجمع بني إسرائيل كلّ أربعة أبيات في بيت ثم اذبحوا (٢) الجداء واضربوا بدمائها على أبوابكم فإني سآمر الملائكة أن لا يدخلوا بيتا على بابه دم وسآمرهم بقتل أبكار القبط ، واخبزوا خبزا فطيرا فإنه أسرع لكم ، ثم أسر بعبادي حتى تنتهي إلى البحر فيأتيك أمري.
٥٣ ـ (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) أي جامعين للناس بعنف. فلما اجتمعوا قال :
__________________
(١) في (ظ) و (ز) المشهد.
(٢) في (ز) اذبح.