(إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) (٦٠)
٥٤ ـ (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) والشرذمة الطائفة القليلة ، ذكرهم بالاسم الدالّ على القلّة ، ثم جعلهم قليلا بالوصف ، ثم جمع القليل فجعل كلّ حزب منهم قليلا ، واختار جمع السلامة الذي هو للقلّة ، أو أراد بالقلّة الذّلة لا قلّة العدد ، أي أنهم لقلّتهم لا يبالى بهم ولا تتوقع غلبتهم ، وإنما استقلّ قوم موسى وكانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا لكثرة من معه ، فعن الضّحّاك كانوا سبعة آلاف ألف.
٥٥ ـ (وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ) أي أنهم يفعلون أفعالا تغيظنا وتضيق صدورنا وهو خروجهم من مصرنا وحملهم حلينا وقتلهم أبكارنا.
٥٦ ـ (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) شامي وكوفي ، وغيرهم حذرون ، فالحذر المتيقظ والحاذر الذي يجدّد حذره ، وقيل المؤدّى في السلاح ، وإنما يفعل ذلك حذرا واحتياطا لنفسه ، يعني ونحن قوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور ، فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى حسم فساده ، وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلّا يظنّ به العجز والفتور.
٥٧ ـ (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ) بساتين (وَعُيُونٍ) وأنهار جارية.
٥٨ ـ (وَكُنُوزٍ) وأموال ظاهرة من الذهب والفضّة ، وسمّاها كنوزا لأنهم لا ينفقون منها في طاعة الله تعالى (وَمَقامٍ) ومنزل (كَرِيمٍ) بهيّ بهيج ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : المنابر.
٥٩ ـ (كَذلِكَ) يحتمل النصب على أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفنا ، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي الأمر كذلك (وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) عن الحسن : لما عبروا النهر رجعوا وأخذوا ديارهم وأموالهم.
٦٠ ـ (فَأَتْبَعُوهُمْ) فلحقوهم ، فاتّبعوهم زيد (١) (مُشْرِقِينَ) حال ، أي داخلين في وقت شروق الشمس ، وهو طلوعها ، أي (٢) أدرك قوم فرعون موسى وقومه وقت طلوع الشمس.
__________________
(١) في (ظ) فأعقبوهم زيد ، وفي (ز) فلحقوهم فاتبعوهم يزيد.
(٢) ليس في (ز) أي.