(قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١٩٥)
١٨٨ ـ (قالَ رَبِّي) بفتح الياء حجازي وأبو عمرو وبسكونها غيرهم (أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) أي إنّ الله أعلم بأعمالكم وبما تستحقون عليها من العذاب ، فإن أراد أن يعاقبكم بإسقاط كسف من السماء فعل ، وإن أراد عقابا آخر فإليه الحكم والمشيئة.
١٨٩ ـ ١٩١ ـ (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) هي سحابة أظلّتهم بعدما حبست عنهم الريح وعذبوا بالحر سبعة أيام فاجتمعوا تحتها مستجيرين بها مما نالهم من الحرّ فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا (إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) وقد كرّر في هذه السورة في أوّل كلّ قصة وآخرها ما كرّر تقريرا لمعانيها في الصدور ليكون أبلغ في الوعظ والزجر ، ولأنّ كلّ قصة منها كتنزيل برأسه ، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها ، فكانت جديرة بأن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها وأن تختتم بما اختتمت به.
١٩٢ ـ (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) منزّل منه.
١٩٣ ـ (نَزَلَ بِهِ) مخفف ، والفاعل (الرُّوحُ الْأَمِينُ) أي جبريل ، لأنه أمين على الوحي الذي فيه الحياة ، حجازي وأبو عمرو وزيد وحفص ، وغيرهم بالتشديد ونصب الروح ، والفاعل هو الله تعالى ، أي جعل الله الروح نازلا به ، والباء على القراءتين للتعدية.
١٩٤ ـ (عَلى قَلْبِكَ) أي حفّظك وفهّمك إياه وأثبته في قلبك إثبات ما لا ينسى كقوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (١) (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ).
١٩٥ ـ (بِلِسانٍ عَرَبِيٍ) بلغة قريش وجرهم (مُبِينٍ) فصيح مصحح عما صحّفته العامة ، والباء إما أن يتعلق بالمنذرين أي لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان وهم هود وصالح وشعيب وإسماعيل عليهمالسلام ، أو بنزّل أي نزّله بلسان عربي لتنذر به ، لأنه لو نزّله بلسان أعجمي لتجافوا عنه أصلا ، ولقالوا : ما نصنع بما لا نفهمه ، فيتعذر
__________________
(١) الأعلى ، ٨٧ / ٦.