(وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) (١٩٨)
الإنذار به ، وفي هذا الوجه أنّ تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك ، لأنك تفهمه وتفهّمه قومك ، ولو كان أعجميا لكان نازلا على سمعك دون قلبك ، لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها ولا تعيها ، وقد يكون الرجل عارفا ، بعدة لغات فإذا كلّم بلغته التي نشأ عليها لم يكن قلبه (١) إلّا إلى معاني الكلام ، وإن كلّم بغيرها كان نظره أولا في ألفاظها ، ثمّ في معانيها وإن كان ماهرا بمعرفتها ، فهذا تقرير أنه نزل على قلبه لنزوله بلسان عربي مبين.
١٩٦ ـ (وَإِنَّهُ) وإنّ القرآن (لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) يعني ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية ، وقيل إنّ معانيه فيها ، وفيه دليل على أنّ القرآن قرآن إذا ترجم بغير العربية فيكون دليلا على جواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة.
١٩٧ ـ (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً) شامي (٢) ، جعلت آية اسم كان ، وخبره (أَنْ يَعْلَمَهُ) أي القرآن لوجود ذكره في التوراة ، وقيل في يكن ضمير القصة ، وآية خبر مقدّم ، والمبتدأ أن يعلمه ، والجملة خبر كان ، وقيل كان تامة ، والفاعل آية ، وأن يعلمه بدل منها ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي أو لم تحصل لهم آية ، وغيره يكن بالتذكير ، وآية بالنصب على أنها خبره ، وأن يعلمه هو الاسم ، وتقديره أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل (عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) كعبد الله بن سلام وغيره قال الله تعالى : (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) (٣) وخطّ في المصحف علماؤا بواو قبل الألف.
١٩٨ ـ (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) جمع أعجم وهو الذي لا يفصح ، وكذلك الأعجمي إلا أنّ فيه لزيادة ياء النسبة زيادة توكيد (٤) ، ولما كان من يتكلّم بلسان غير لسانهم لا يفقهون كلامه قالوا له أعجم وأعجمي ، شبّهوه بمن لا يفصح ولا
__________________
(١) زاد في (ز) ناظرا.
(٢) في مصحف النسفي : أولم تكن لهم آية. وهي قراءة ابن عامر لذلك قال : شامي. وعلى هذا الأساس تابع يقول : ...
(٣) القصص ، ٢٨ / ٥٣.
(٤) في (ظ) و (ز) تأكيد ، وهما صحيحان والمثبت أصح.