(فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٢٠١)
يبيّن ، والعجميّ الذي من جنس أفصح أو لم يفصح ، وقرأ الحسن الأعجميين ، وقيل الأعجمين تخفيف الأعجميين ، كما قالوا الأشعرون أي الأشعريون بحذف ياء النسبة ، ولو لا هذا التقدير لم يجز أن يجمع جمع السلامة لأنّ مؤنثه عجماء.
١٩٩ ـ (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) والمعنى أنا أنزلنا هذا (١) القرآن على رجل عربي مبين ، ففهموه وعرفوا فصاحته ، وأنه معجز ، وانضم إلى ذلك اتفاق علماء أهل الكتاب قبله على أنّ البشارة بإنزاله وصفته في كتبهم ، وقد تضمنت معانيه وقصصه ، وصحّ بذلك أنها من عند الله وليست بأساطير كما زعموا ، فلم يؤمنوا به وسمّوه شعرا تارة وسحرا أخرى ، وقالوا هذا من افتراء محمد (٢) ، ولو نزلناه على بعض الأعاجم الذي لا يحسن العربية فضلا أن يقدر على نظم مثله فقرأه عليهم هكذا معجزا لكفروا به كما كفروا ، ولتمحّلوا لجحودهم عذرا وسمّوه (٣) سحرا ، ثم قال :
٢٠٠ ـ (كَذلِكَ سَلَكْناهُ) أي أدخلنا التكذيب أو الكفر ، وهو مدلول قوله ما كانوا به مؤمنين (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) الكافرين الذين علمنا منهم اختيار الكفر والإصرار عليه ، يعني مثل هذا السّلك سلكناه في قلوبهم وقرّرناه فيها ، فكيفما فعل بهم وعلى أي وجه دبّر أمرهم فلا سبيل إلى أن يتغيروا عمّا هم عليه من الكفر به والتكذيب له أي (٤) كما قال : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٥) وهو حجتنا على المعتزلة في خلق أفعال العباد خيرها وشرّها. وموقع قوله :
٢٠١ ـ (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) بالقرآن من قوله سلكناه في قلوب المجرمين موقع الموضح والملخّص ، لأنه مسوق لثبات كونه مكذّبا مجحودا في قلوبهم فاتبع ما يقرّر هذا المعنى من أنهم لا يزالون على التكذيب به وجحوده ، حتى يعاينوا الوعيد ، ويجوز أن يكون حالا أي سلكناه فيها غير مؤمن به (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) المراد به
__________________
(١) ليس في (ز) هذا.
(٢) زاد في (ز) عليه الصلاة والسلام مع أن الكلام قول المشركين ، وهي زيادة في غير موضعها.
(٣) في (ز) ولسموه.
(٤) ليس في (ظ) و (ز) أي.
(٥) الأنعام ، ٦ / ٧.