(فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ) (٢٠٨)
معاينة (١) العذاب عند الموت ، ويكون ذلك إيمان يأس فلا ينفعهم.
٢٠٢ ـ (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بإتيانه.
٢٠٣ ـ (فَيَقُولُوا) وفيأتيهم معطوفان على يروا (هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) يسألون النّظرة والإمهال طرفة عين فلا يجابون إليها.
٢٠٤ ـ (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) توبيخ لهم وإنكار عليهم قولهم : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢) ونحو ذلك قال يحيى بن معاذ : أشدّ الناس غفلة من اغترّ بحياته ، والتذّ بمراداته ، وسكن إلى مألوفاته ، والله تعالى يقول (٣) :
٢٠٥ ـ (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ) قيل هي سنو مدة الدنيا.
٢٠٦ ـ (ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) من العذاب.
٢٠٧ ـ (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) به في تلك السنين ، والمعنى أنّ استعجالهم بالعذاب إنما كان لاعتقادهم أنه غير كائن ولا لاحق بهم وأنهم ممتعون بأعمار طوال في سلامة وأمن فقال الله تعالى : أفبعذابنا يستعجلون ، أشرا وبطرا واستهزاء واتكالا على الأمل الطويل ، ثم قال : هب أنّ الأمر كما يعتقدون من تمتيعهم وتعميرهم فإذا لحقهم الوعيد بعد ذلك ما ينفعهم حينئذ ما مضى من طول أعمارهم وطيب معايشهم ، وعن ميمون بن مهران (٤) أنه لقي الحسن في الطواف وكان يتمنى لقاءه ، فقال عظني ، فلم يزده على تلاوة هذه الآية ، فقال ميمون قد وعظت فأبلغت ، وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقرؤها عند جلوسه للحكم.
٢٠٨ ـ (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) رسل ينذرونهم ، ولم تدخل الواو
__________________
(١) في (ظ) والمراد معاينة ، وفي (ز) المراد معاينة.
(٢) الأنفال ، ٨ / ٣٢.
(٣) ما بين (أَلِيمٍ) و (أَفَرَأَيْتَ) نقل في (ز) إلى ما قبل قول ميمون بن مهران في الآية ٢٠٧.
(٤) ميمون بن مهران الرّقّي ، أبو أيوب ، فقيه من القضاة ، كان عالم الجزيرة وسيدها استعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها ولد عام ٣٧ ه ومات عام ١١٧ ه (الأعلام ٧ / ٣٤٢).