(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) (٢٢٥)
مفتر عليه ، وعن الحسن وكلّهم ، وإنما فرّق بين وإنه لتنزيل ربّ العالمين وما تنزلت به الشياطين ، هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ، وهنّ أخوات لأنه إذا فرّق بينهنّ بآيات ليست منهن ، ثم رجع إليهن مرة بعد مرة ، دلّ ذلك على شدة العناية بهنّ ، كما إذا حدثت حديثا وفي صدرك اهتمام بشيء فتعيد ذكره ولا تنفك عن الرجوع إليه ، ونزل فيمن كان يقول الشعر ، ويقول نحن نقول كما يقول محمد صلىاللهعليهوسلم واتبعهم غواة من قومهم يستمعون أشعارهم.
٢٢٤ ـ (وَالشُّعَراءُ) مبتدأ خبره (يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) أي لا يتبعهم على باطلهم وكذبهم وتمزيق الأعراض والقدح في الأنساب ومدح من لا يستحق المدح والهجاء (١) ولا يستحسن ذلك منهم إلا الغاوون أي السفهاء أو الراوون أو الشياطين أو المشركون ، قال الزّجّاج : إذا مدح أو هجا شاعر بما لا يكون وأحبّ ذلك قوم وتابعوه فهم الغاوون ، يتبعهم نافع.
٢٢٥ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ) من الكلام (يَهِيمُونَ) خبر أنّ أي في كلّ فنّ من الكذب يتحدثون ، أو في كلّ لغو وباطل يخوضون والهائم الذاهب على وجهه لا مقصد له ، وهو تمثيل لذهابهم في كلّ شعب من القول واعتسافهم حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة (٢) وأبخلهم على حاتم (٣). عن الفرزدق (٤) أنّ سليمان بن عبد الملك (٥) سمع قوله :
فبتن بجانبيّ مصرّعات |
|
وبت أفضّ أغلاق الختام |
فقال : وجب عليك الحدّ ، فقال : قد درأ الله عني الحدّ بقوله :
__________________
(١) ليس في (ز) والهجاء.
(٢) عنترة : عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي ، أشهر فرسان العرب في الجاهلية ومن شعراء الطبقة الأولى توفي نحو ٢٢ ق. ه (الأعلام ٥ / ٩١).
(٣) حاتم : حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني ، أبو عدي ، فارس ، شاعر ، جواد ، جاهلي ، يضرب المثل بجوده توفي عام ٤٦ ق. ه (الأعلام ٢ / ١٥١).
(٤) الفرزدق : همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي ، أبو فراس الشهير بالفرزدق ، شاعر من النبلاء ، عظيم الأثر في اللغة توفي عام ١١٠ ه (الأعلام ٨ / ٩٣).
(٥) سليمان بن عبد الملك بن مروان ، أبو أيوب الخليفة الأموي ، كان عاقلا فصيحا طموحا إلى الفتح ، ولد عام ٥٤ ه ومات عام ٩٩ ه (الأعلام ٣ / ١٣٠).