(وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧)
٢٢٦ ـ (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) حيث وصفهم بالكذب والخلف في الوعد. ثم استثنى الشعراء المؤمنين الصالحين بقوله :
٢٢٧ ـ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) كعبد الله بن رواحة (١) وحسان بن ثابت وكعب بن زهير (٢) وكعب بن مالك رضي الله عنهم (وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) أي كان ذكر الله وتلاوة القرآن أغلب عليهم من الشعر ، وإذا قالوا شعرا قالوه في توحيد الله تعالى والثناء عليه ، والحكمة والموعظة والزهد والآداب (٣) ومدح رسول الله والصحابة وصلحاء الأمة ونحو ذلك مما ليس فيه ذنب ، وقال أبو يزيد (٤) : الذكر الكثير ليس بالعدد والغفلة لكنه بالحضور (وَانْتَصَرُوا) وهجوا (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) هجوا أي ردوا هجاء من هجا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمين ، وأحقّ الخلق بالهجاء من كذّب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهجاه ، وعن كعب بن مالك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : (اهجهم فو الذي نفسي بيده لهو أشدّ عليهم من النبل) (٥) وكان يقول لحسان : (قل وروح القدس معك) (٦). ختم السورة بما يقطع أكباد المتدبّرين وهو قوله (وَسَيَعْلَمُ) وما فيه من الوعيد البليغ وقوله (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وإطلاقه ، وقوله (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) وإبهامه ، وقد تلاها أبو بكر لعمر رضي الله تعالى عنه حين عهد إليه ، وكان السلف يتواعظون بها ، قال ابن عطاء : وسيعلم المعرض عنا ما الذي فاته منّا ، وأيّ منصوب بينقلبون على المصدر لا بسيعلم (٧) لأنّ أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها أي ينقلبون أيّ انقلاب ، والله أعلم (٨).
__________________
(١) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري ، من الخزرج ، أبو محمد ، صحابي ، يعد من الأمراء والشعراء الراجزين ، استشهد في مؤتة عام ٨ ه (الأعلام ٤ / ٨٦).
(٢) كعب بن زهير بن أبي سلمى المازني ، شاعر عالي الطبقة ، أبوه زهير وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوام كلهم شعراء توفي عام ٢٦ ه (الأعلام ٥ / ٢٢٦).
(٣) في (ظ) و (ز) والأدب.
(٤) أبو يزيد : طيفور بن عيسى البسطامي ، زاهد مشهور له أخبار كثيرة ولد عام ١٨٨ ه وتوفي عام ٢٦١ ه (الأعلام ٣ / ٢٣٥).
(٥) عبد الرزاق عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه.
(٦) متفق عليه من حديث البزار.
(٧) في (ز) بيعلم.
(٨) ليس في (ظ) و (ز) والله أعلم.