وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٨)
(شَيْءٍ) (١) (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) قوله وارد على سبيل الشكر كقوله عليهالسلام : (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) (٢) أي أقول هذا القول شكرا ولا أقوله فخرا. والنون في علّمنا وأوتينا نون الواحد المطاع ، وكان ملكا مطاعا فكلّم أهل طاعته على الحال التي كان عليها ، وليس التكبّر من لوازم ذلك.
١٧ ـ (وَحُشِرَ) وجمع (لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ) روي أنّ معسكره كان مائة فرسخ في مائة فرسخ ، خمسة وعشرون للجنّ وخمسة وعشرون للإنس وخمسة وعشرون للطير وخمسة وعشرون للوحش ، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلثمائة منكوحة وسبعمائة سرية ، وقد نسجت له الجنّ بساطا من ذهب وإبريسم (٣) فرسخا في فرسخ وكان يوضع منبره في وسطه ، وهو من ذهب وفضة ، فيقعد وحوله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضة ، فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة ، وحولهم الناس وحول الناس الجنّ والشياطين وتظلّله الطير بأجنحتها حتى لا يقع عليه الشمس (٤) ، وترفع ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر. ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرّخاء تسيره ، فأوحى الله تعالى إليه وهو يسير بين السماء والأرض إني قد زدت في ملكك أن لا يتكلّم أحد بشيء إلا ألقته الريح في سمعك ، فيحكى أنه مرّ بحراث فقال : لقد أوتي آل داود ملكا عظيما فألقته الريح في أذنه ، فنزل ومشى إلى الحرّاث وقال : إني جئت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه ، ثم قال : تسبيحة (٥) واحدة يقبلها الله تعالى خير مما أوتي آل داود (فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس أولهم على آخرهم ، أي يوقف سلاف (٦) العسكر حتى يلحقهم الثواني فيكونوا (٧) مجتمعين ، وذلك للكثرة العظيمة. والوزع : المنع ، ومنه قول عثمان رضي الله عنه : ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن.
١٨ ـ (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ) أي ساروا حتى إذا بلغوا وادي النمل ، وهو
__________________
(١) الآية ٢٣ من هذه السورة.
(٢) أبو نعيم في الدلائل من رواية سهيل عن أبيه من أبي هريرة في أثناء حديث ، وفي (ز) لم يذكر القائل وهو عليهالسلام.
(٣) الإبريسم : الحرير (القاموس ٤ / ٧٩).
(٤) في (ز) حر الشمس.
(٥) في (ظ) و (ز) لتسبيحة.
(٦) سلاف العسكر : أولهم.
(٧) في (ز) التوالي ، ليكونوا في (ظ) و (ز).