(فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥) وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١٧)
لذكر (١) ما ابتلي به نوح عليهالسلام من أمته وما كابده من طول المصابرة تسلية لنبينا عليهالسلام ، فكان ذكر الألف أفخم وأوصل إلى الغرض ، وجيء بالمميز أولا ثم (٢) بالسنة ثم بالعام لأنّ تكرار لفظ واحد في كلام واحد حقيق بالاجتناب في البلاغة (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) هو ما أطاف وأحاط بكثرة وغلبة من سيل أو ظلام ليل أو نحوهما (وَهُمْ ظالِمُونَ) أنفسهم بالكفر.
١٥ ـ (فَأَنْجَيْناهُ) أي نوحا (وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) وكانوا ثمانية وسبعين نفسا ، نصفهم ذكور ونصفهم إناث ، منهم أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم (وَجَعَلْناها) أي السفينة ، أو الحادثة ، أو القصة (آيَةً) عبرة وعظة (لِلْعالَمِينَ) يتعظون بها.
١٦ ـ (وَإِبْراهِيمَ) نصب بإضمار اذكر وأبدل عنه (إِذْ قالَ) بدل اشتمال لأنّ الأحيان تشتمل على ما فيها ، أو معطوف على نوح أي وأرسلنا إبراهيم ، أو ظرف لأرسلنا يعني أرسلناه حين بلغ من السنّ أو العلم مبلغا صلح فيه لأن يعظ قومه ويأمرهم بالعبادة والتقوى ، وقرأ إبراهيم النخعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما (٣) بالرفع على معنى ومن المرسلين إبراهيم (لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) من الكفر (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) إن كان فيكم (٤) علم بما هو خير لكم مما هو شرّ لكم.
١٧ ـ (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) أصناما (وَتَخْلُقُونَ) وتكذّبون ، أو تصنعون ، وقرأ أبو حنيفة والسلمي (٥) رضي الله عنهما وتخلّقون من خلّق بمعنى التكثير
__________________
(١) في (ز) سبقت لما ابتلي.
(٢) ليس في (ظ) و (ز) ثم.
(٣) في (ظ) و (ز) وإبراهيم بالرفع.
(٤) في (ز) لكم.
(٥) السلمي : هو محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الأزدي النيسابوري ، أبو عبد الرحمن ، قال الذهبي : شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم. ولد عام ٣٢٥ ه ومات عام ٤١٢ ه مولده ووفاته في نيسابور (الأعلام ٦ / ٩٩).