(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٥)
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يتولى أموركم (وَلا نَصِيرٍ) ولا ناصر يمنعكم من عذابي.
٢٣ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) بدلائله على وحدانيته وكتبه ومعجزاته (وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) جنتي (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
٢٤ ـ (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) قوم إبراهيم حين دعاهم إلى الإيمان (إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ) قال بعضهم لبعض ، أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين ، فكانوا جميعا في حكم القائلين ، فاتفقوا على تحريقه (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) حين قذفوه فيها (إِنَّ فِي ذلِكَ) فيما فعلوا به وفعلنا (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) روي أنه لم ينتفع في ذلك اليوم بالنار ، يعني يوم ألقي إبراهيم في النار وذلك لذهاب حرّها.
٢٥ ـ (وَقالَ) إبراهيم لقومه (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) حمزة وحفص ، مودة بينكم مدني وشامي وحماد ويحيى وخلف ، مودة بينكم مكي وبصري وعليّ ، مودة بينكم الشّمّوني (١) والبرجمي ، فالنصب على وجهين على التعليل أي لتتوادّوا بينكم وتتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها واتفاقكم عليها كما يتفق الناس على مذهب فيكون ذلك سبب تحابّهم ، وأن يكون مفعولا ثانيا كقوله : (اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (٢) وما كافة ، أي اتخذتم الأوثان سبب المودة بينكم على تقدير حذف المضاف ، أو اتخذتموها مودة بينكم أي مودودة (٣) بينكم كقوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (٤) وفي الرفع وجهان ، أن
__________________
(١) الشّمّوني : هو محمد بن حبيب ، ويكنى أبا جعفر الشموني الكوفي ، مقرىء ، ضابط مشهور. قال محمد بن هاشم الزعفراني : قرأت عليه سنة ٢٤٠ ه (غاية النهاية ٢ / ١١٤).
(٢) الفرقان ، ٢٥ / ٤٣.
(٣) في (ز) مودة.
(٤) البقرة ، ٢ / ١٦٥.