(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) (٢٨)
يكون خبرا لإنّ وما موصولة ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي مودة بينكم ، والمعنى أنّ الأوثان مودة بينكم أي مودودة ، أو سبب مودة ، ومن أضاف المودة جعل بينكم اسما لا ظرفا كقوله : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) (١) ومن نوّن مودة ونصب بينكم فعلى الظرف (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ) تتبرأ الأصنام من عبّادتها (٢) (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي يوم القيامة يقوم بينكم التلاعن فيلعن الأتباع القادة (وَمَأْواكُمُ النَّارُ) أي مأوى العابد والمعبود والتابع والمتبوع (وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ثمة.
٢٦ ـ (فَآمَنَ لَهُ) لإبراهيم عليهالسلام (لُوطٌ) هو ابن أخي إبراهيم ، وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تحرقه (وَقالَ) إبراهيم (إِنِّي مُهاجِرٌ) من «كوثى» وهي من سواد الكوفة إلى حرّان ، ثم منها إلى فلسطين ، وهي من بريّة الشأم ، ومن ثم قالوا لكلّ نبيّ هجرة ولإبراهيم هجرتان ، وكان معه في هجرته لوط وسارة ، وقد تزوجها إبراهيم (إِلى رَبِّي) إلى حيث أمرني ربي بالهجرة إليه (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) الذي يمنعني من أعدائي (الْحَكِيمُ) الذي لا يأمرني إلا بما هو خير.
٢٧ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) ولدا (وَيَعْقُوبَ) ولد ولد ولم يذكر إسماعيل لشهرته (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ) أي في ذرية إبراهيم فإنه شجرة الأنبياء (وَالْكِتابَ) والمراد به الجنس ، يعني التوراة والإنجيل والزبور والفرقان (وَآتَيْناهُ) أي إبراهيم (أَجْرَهُ) الثناء الحسن والصلاة عليه إلى آخر الدهر ، ومحبة أهل الملل له ، أو هو بقاء ضيافته عند قبره وليس ذلك لغيره (فِي الدُّنْيا) فيه دليل على أنه تعالى قد يعطي الأجر في الدنيا (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) أي من أهل الجنة عن الحسن.
٢٨ ـ (وَلُوطاً) أي واذكر لوطا (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) الفعلة البالغة في القبح وهي اللواط (٣) (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)
__________________
(١) المائدة ، ٥ / ١٠٦.
(٢) في (ظ) و (ز) عابديها.
(٣) في (ظ) و (ز) اللواطة.