(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٤٢)
محل الرفع أو النصب على المدح ، أي هم الذين يبلّغون ، أو أعني الذين يبلغون (وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) وصف الأنبياء بأنهم لا يخشون إلّا الله تعريض بعد التصريح في قوله : (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) كافيا للمخاوف ، أو محاسبا على الصغيرة والكبيرة ، فكان جديرا بأن تخشى منه.
٤٠ ـ (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) أي لم يكن أبا رجل منكم حقيقة حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة الصّهر والنكاح ، والمراد من رجالكم البالغين ، والحسن والحسين لم يكونا بالغين حينئذ ، والطاهر والطيّب والقاسم وإبراهيم توفوا صبيانا (وَلكِنْ) كان (رَسُولَ اللهِ) وكلّ رسول أبو أمته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء ، وزيد واحد من رجالكم الذين ليسوا بأولاده حقيقة ، فكان حكمه حكمكم (١) ، والتبنيّ من باب الاختصاص والتقريب لا غير (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) بفتح التاء عاصم ، بمعنى الطابع ، أي آخرهم ، يعني لا ينبّأ أحد بعده ، وعيسى ممن نبّىء قبله ، وحين ينزل ينزل عاملا على شريعة محمد صلىاللهعليهوسلم كأنه بعض أمته ، وغيره بكسر التاء بمعنى الطابع وفاعل الختم. وتقوّيه قراءة ابن مسعود ولكن نبيا ختم النبيين (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).
٤١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) أثنوا عليه بضروب الثناء وأكثروا ذلك.
٤٢ ـ (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً) أول النهار (وَأَصِيلاً) آخر النهار ، وخصّا بالذكر لأنّ ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون فيهما ، وعن قتادة : قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلّا بالله (٢) ، والفعلان أي اذكروا الله وسبّحوه موجهان إلى البكرة والأصيل كقولك صم وصل يوم الجمعة ، والتسبيح من جملة الذكر وإنما اختصّ من بين أنواعه اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة إبانة لفضله على سائر الأذكار ، لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات ، وجاز أن يراد بالذكر وإكثاره تكثير الطاعات والعبادات فإنها من جملة الذكر ، ثم خصّ
__________________
(١) في (ز) كحكمكم.
(٢) زاد في (ز) العلي العظيم.