(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٤٩)
بالسراج المنير ، ويهتدى به ، والجمهور على أنه القرآن فيكون التقدير وذا سراج منير ، أو وتاليا سراجا منيرا ، ووصف بالإنارة لأنّ من السّرج ما لا يضيء إذا قلّ سليطه (١) ، ودقّت فتيلته ، أو شاهدا بوحدانيتنا ، ومبشرا برحمتنا ، ونذيرا بنقمتنا ، وداعيا إلى عبادتنا ، وسراجا وحجة ظاهرة لحضرتنا.
٤٧ ـ (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) ثوابا عظيما.
٤٨ ـ (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) المراد به التهييج والدوام والثبات على ما كان عليه (وَدَعْ أَذاهُمْ) هو بمعنى الإيذاء ، فيحتمل أن يكون مضافا إلى الفاعل ، أي اجعل إيذاءهم إياك في جانب ولا تبال بهم ولا تخف من إيذائهم ، أو إلى المفعول أي دع إيذاءك إياهم مكافأة لهم (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فإنه يكفيكهم (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) وكفى به مفوّضا إليه ، وقيل إنّ الله تعالى وصفه بخمسة أوصاف وقابل كلا منها بخطاب مناسب له ، قابل الشاهد بقوله وبشّر المؤمنين ، لأنه يكون شاهدا على أمّته وهم يكونون شهداء على سائر الأمم ، وهو الفضل الكبير ، والمبشّر بالإعراض عن الكافرين والمنافقين ، لأنه إذا أعرض عنهم أقبل جميع إقباله على المؤمنين ، وهو مناسب للبشارة ، والنذير بدع أذاهم ، لأنه إذا ترك أذاهم في الحاضر ، والأذى لا بد له من عقاب عاجل أو آجل كانوا منذرين به في المستقبل ، والداعي إلى الله بتيسيره بقوله وتوكّل على الله فإنّ من توكّل على الله يسّر عليه كلّ عسير ، والسراج المنير بالاكتفاء به وكيلا ، لأن من أناره الله برهانا على جميع خلقه كان جديرا بأن يكتفي به عن جميع خلقه.
٤٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) أي تزوجتم ، والنكاح هو الوطء في الأصل ، وتسمية العقد نكاحا لملابسته له من حيث أنه طريق إليه كتسمية الخمر إثما لأنها سببه ، وكقول الراجز (٢) : أسنمة الآبال في سحابه. سمى الماء
__________________
(١) السليط : الزيت وكل دهن عصر من حب (القاموس ٢ / ٣٦٥).
(٢) القائل جرير وما ذكر عجز بيت صدره : كأنما الوابل في مصابه.