نزولها في هذا المقطع الشريف بعد هذا الحوار : (... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(١).
كما أنّ الظاهر أنّ الإرادة والاختيار يمثلان ميزة اخرى لآدم والإنسان بشكل عام على الملائكة ، وأنّ هذه الخصوصية هي التي أثارت مخاوف الملائكة وسؤالهم ، كما نبهنا عليه وأشار إليه الشيخ محمّد عبدة.
وبذلك يكون استحقاق آدم للخلافة وجود هاتين الخصوصيتين فيه.
وأمّا العلّامة الطباطبائي فهو افترض أنّ هذا الاستحقاق إنّما كان باعتبار العلم بالأسماء ، ولكنّه فسر الأسماء بأنّها موجودات عاقلة لها مراتب من الوجود ، ويمكن من خلال العلم بها أن يسير الإنسان في طريق التكامل.
ولكن هذا التفسير فيه شيء من الغموض ، ولعلّه يعتمد على بعض المذاهب الفلسفية التي تؤمن بوجود العقول التي هي واسطة في العلم والخلق والتكامل بين الله ـ تعالى ـ والوجود ومنه الإنسان.
نعم ، هناك فرضية تشير إليها بعض الروايات المروية عن أهل البيت عليهمالسلام وهي : أنّ الأسماء عبارة عن أسماء العناصر والذوات الإنسانية الموجودة في سلسلة امتداد الجنس البشري من الأنبياء والربانيين والأحبار الذين جعلهم الله ـ تعالى ـ شهودا على البشرية والإنسانية ، واستحفظهم الله ـ تعالى ـ على كتبه ورسالاته (٢) ، ويكون وجود هذا الخط الإنساني الإلهي الكامل هو الضمان الذي أعدّه الله
__________________
(١) البقرة : ٣٨.
(٢) (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ ...) المائدة : ٤٤.