(فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥))
هذه كلمة تعجب لما أخبر به عن تعظيم الأمر ، وتفخيم الشأن عند بهتة عقولهم ودهشة أسرارهم ، وانقطاع دواعيهم ، وانخلاع قلوبهم من مكامنها ، وتراقيها إلى تراقيهم ، ثم ما يلقونه من الحساب والعتاب ، والعذاب والعقاب ، وعدم الإكرام والإيجاب ، وما فى هذا الباب.
وقيامة الكفار يوم الحشر ، وقيامة الأحباب فى الوقت ، ولشرح هذا تفسير طويل (١)
قوله جل ذكره : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ)
(اللهُمَّ) معناها يا الله والميم فى آخرها بدل عن حرف النداء وهو يا. فهذا تعليم الحق كيفية الثناء على الحق ، أي صفنى بما أستحقّه من جلال القدر فقل : يا مالك الملك لا شريك لك ولا معين ، ولا ظهير ولا قرين ، ولا مقاسم لك فى الذات ، ولا مساهم فى الملك ، ولا معارض فى الإبداع.
(تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ).
حتى نعلم أن الملك لك ، والملك من المخلوقين من تذلّل له ، ومنزوع الملك ممن تكبّر عليه ؛ فتجمّل الخلق فى تذللهم للحق ، وعزّهم فى محوهم فيه ، وبقاؤهم فى فنائهم به
(وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ)
بعز ذاتك.
(وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ).
بخذلانك.
وتعز من تشاء بأن تهديه ليشهدك ويوحدك ، وتذل من تشاء بأن يجحدك ويفقدك. وتعزّ
__________________
(١) من كلام القشيري فى هذا الخصوص فى موضع آخر من هذا الكتاب :
(والقيامة عند هؤلاء تقوم كل يوم غير مرة بالهجر والنوى والفراق ، وليس لها كاشف غيره سبحانه)