الحق من ربك يا محمد ، فلا تشكّنّ فى أنه ـ سبحانه ـ لا يماثله فى الإيجاد أحد ، ولا على إثبات بينه لمخلوق قدرة. والموجودات التي (.....) (١) وجودها عن كتم العدم ـ من الله مبدؤها وإليه عودها.
قوله جل ذكره : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ ....) الآية
يعنى بعد ما ظهرت على صدق ما يقال لك ، وتحقّقت بقلبك معرفة ما خاطبناك ، فلا تحتشم من حملهم على المباهلة ، وثق بأن لك القهر والنصرة ، وأنّا توليناك ، وفى كنف قربنا آويناك ، ولو أنهم رغبوا فى هذه المباهلة لأحرقت الأودية عليهم نيرانا مؤججة ، ولكن أخّر الله ـ سبحانه ـ ذلك عنهم لعلمه بمن فى أصلابهم من المؤمنين (٢).
والإشارة فى هذه الآية لمن نزلت حالته عن أحوال الصديقين ، فإنه إذا ظهرت أنوارهم انخنست آثار هؤلاء فلا إقرار ، ولا عنهم آثار.
قوله جل ذكره : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ)
لا يتسلط على شواهد التوحيد غبار شبهة ، ولا يدرك سر حكمه وهم (٣) مخلوق ، ولا يدانيه معلوم يحصره الوجود ، أو موهوم يصوره التقدير (٤).
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ)
فإن تولوا ـ يا محمد ـ فإنه لا ثبات عند شعاع أنوارك لشبهة مبطل.
(فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) إمّا يجتاحهم (٥) ، أو يحلم (٦) حتى إذا استمكنت ظنونهم يأخذهم بغتة وهم لا ينصرون.
__________________
(١) مشتبهة.
(٢) هذا تعليل ممتع لإمهال المخالفين.
(٣) وردت (وهو) وهى خطأ من الناسخ ، ونظن أن الأصل (وهم) وهى مناسبة للسياق.
(٤) للقشيرى عبارة فى نفس الموضوع وردت فى مستهل رسالته : «وكل ما تصوره الأوهام فالله بخلاف ذلك».
(٥) وردت (يحتاجهم) وهى خطأ من الناسخ.
(٦) وردت (ويحكم) والملائم للمعنى (أو يحلم) من الحلم ، ويكون المعنى على هذا الأساس أنه إما أن يعجل بانتقامه فيجتاحهم أو يمهلهم بحلمه ثم يبغتهم.