قوله جل ذكره : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ...) الآية
هى كلمة التوحيد وإفراد الحق سبحانه فى إنشاء الأشياء بالشهود.
وقوله : (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) : لا تطالع بسرّك مخلوقا. وكما لا يكون غيره معبودك فينبغى ألا يكون غيره مقصودك ولا مشهودك ، وهذا هو اتّقاء الشرك ، وأنت أول الأغيار الذين يجب ألا تشهدهم.
(وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً) ويظهر صدق هذا بترك المدح والذم لهم.
ونفى الشكوى والشك عنهم ، وتنظيف السر عن حسبان ذرة من المحو والإثبات منهم قال صلىاللهعليهوسلم «أصدق كلمة قالتها العرب قول لبيد».
ألا كلّ شىء ما خلا الله باطل |
|
وكل نعيم لا محالة زائل (١) |
فإنّ الذي على قلوبهم من المشاق أشد. وأمّا أهل البداية فالأمر مضيّق عليهم فى الوظائف والأوراد ، فسبيلهم الأخذ بما هو الأشق والأصعب ، لفراغهم بقلوبهم من المعاني (٢) ، فمن ظنّ بخلاف هذا فقد غلط.
والإشارة من هذه الآية أيضا فى قوله جل ذكره :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ) ... الآية.
ضرب على خليله ـ صلوات الله ـ نقاب الضنّة وحجاب الغيرة ، فقطع سببه عن جميعهم بعد ادّعاء الكل فيه ، وحكم بتعارض شبهاتهم ، وكيف يكون إبراهيم ـ عليهالسلام ـ على دين من أتى بعده؟! إن هذا تناقض من الظن.
ثم قال :
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ
__________________
(١) رواه الشيخان عن أبى هريرة.
(٢) المقصود من (المعاني) هنا كل ما تميل إليه النفس ، والنفس محل المعلولات.