بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦))
يعنى ما كان فى كتابكم له بيان ، ويصح أن يكون لكم عليه برهان ، فخصّهم فى ذلك إمّا بحق وإما بباطل ، فالذى ليس لكم البتة عليه دليل ولا لكم إلى معرفته سبيل فكيف تصديتم للحكم فيه ، وادّعاء الإحاطة به؟!
قوله جل ذكره : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً)
الحنيف المستقيم على الحق ، والأحنف هو المستقيم فى حلقة الرّجل ، ويسمى مائل القدم بذلك على التفاؤل (١). وإبراهيم عليهالسلام كان حنيفا لا مائلا عن الحق ، ولا زائغا عن الشرع ، ولا معرّجا على شىء فيه نصيب للنفس ، فقد سلّم ماله ونفسه وولده ، وما كان له به جملة ـ إلى حكم الله وانتظار أمره.
قوله جل ذكره : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨))
لما تفرقت الأهواء والبدع وصار كل حزب إلى خطأ آخر ، بقي أهل الحقّ فى كل عصر وكل حين ووقت على الحجة المثلى ، فكانوا حزبا واحدا ، فبعضهم أولى ببعض. وإبراهيم صاحب الحق ، ومن دان بدينه ـ كمثل رسولنا صلىاللهعليهوسلم وأمته ـ على الدين الذي كان عليه إبراهيم عليهالسلام وهو توحيد الله سبحانه وتعالى.
(وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) لأنهم تولّوا دينه ، ووافقوا توحيده ، وولاية الله إنما تكون بالعون والنصرة والتخصيص والقربة.
قوله جل ذكره : (وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ)
من حلّت به فتنة ، وأصابته محنة ، واستهوته غواية ـ رضى لجميع الناس ما حلّ به ،
__________________
(١) فكلمة حنيف من الأضداد مستقيم ومائل.