إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ......... الآية)
من أبعده عن استحقاق الوصلة فى سابق حكمه فمتى يقربه من بساط الخدمة بفعله فى وقته؟ ويقال : الذي أقصاه (١) حكم (الأول) (٢) متى أدناه صدق العمل؟ والله غالب على أمره.
قوله جل ذكره : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧))
أولئك قصارى حالهم ما سبق لهم من حكمه فى ابتداء أمرهم ، ابتداؤهم ردّ القسمة ، ووسائطهم الصدّ عن الخدمة ، ونهايتهم المصير إلى الطرد والمذلة.
(خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ)
خالدين فى تلك المذلة لا يفتر عنهم العذاب لحظة ، ولا يخفف دونهم الفراق ساعة.
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
أولئك هم الذين تداركتهم الرحمة ، ولم يكونوا فى شق السبق من تلك الجملة ، وإن كانوا فى توهم الخلق من تلك الزمرة.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠))
الإشارة منه : أن الذين رجعوا إلى أحوال أهل العادة بعد سلوكهم طريق الإرادة ،
__________________
(١) وردت (أقضاه) ونحن نرجح أن تكون (أقصاه) بالصاد حتى تتلاءم مع (أدناه) التي جاءت بعدها ـ فذلك أقرب إلى طبيعة أسلوب القشيري فى هذا السياق.
(٢) هكذا كتبها الناسخ ، ونحن نميل إلى أنها فى الأصل (الأزل).
فالقشيرى يعتقد أن الأقسام سبقت فى الأزل وأن قيمة الإنسان مرتهنة بذلك.