والعوض ، ومنهم من ينفق على مراقبة دفع البلاء والحزن ، ومنهم من ينفق اكتفاء بعلمه ، قال قائلهم :
ويهتز للمعروف فى طلب العلى |
|
لتذكر يوما ـ عند سلمى ـ شمائله |
قوله جل ذكره : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٣) فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤))
الأصل فى الأشياء ألا يشرع فيها بالتحليل والتحريم ، فما لا يوجد فيه حدّ فذلك من الحق ـ سبحانه ـ توسعة ورفقة إلى أن يحصل فيه أمر وشرع ؛ فإنّ الله ـ سبحانه ـ وسّع أحكام التكليف على أهل النهاية (١) ، فسبيلهم الأخذ بما هو الأسهل لتمام ما هم به من أحكام القلوب ، فإن الذي على قلوبهم من المشاق أشد. وأما أهل البداية فالأمر مضيّق عليهم فى الوظائف والأوراد ؛ فسبيلهم الأخذ بما هو الأشق والأصعب لفراغهم بقلوبهم من المعاني ، فمن ظنّ بخلاف هذا فقد غلط.
والإشارة من هذه الآية أيضا فى قوله : (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) إلى أحوال أهل الدعاوى والمغاليط ؛ فإنهم يخلون بنفوسهم فينسبون إلى الله ـ سبحانه ـ هواجسها ، والله برئ عنها. وعزيز عبد يفرّق بين الخواطر والهواجس.
قوله جل ذكره : (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥))
ملّة إبراهيم الخروج إلى الله بالكلية ، والتسليم لحكمه من غير أن تبقى بقية ؛ فإثبات ذرة فى الحسبان من الحدثان شرك ـ فى التحقيق.
قوله جل ذكره : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي
__________________
(١) أهل النهاية هم العوام ، وأهل البداية هم الخواص.